كتبت: سلمى نصر الدين
بدأت العشر الأواخر من رمضان، وبدأت معها استعدادات المصريين للتجهيز لعيد الفطر المبارك، والذي يمتاز بطقوس خاصة عندهم، فمن صناعة الكعك والبسكوت، لشراء ملابس العيد.
ومن طقوس التي يحرص المصريين على إقامتها في عيد الفطر هي تناول طبق الكشري، ولكن هذا العام يأتي الاحتفال العيد وسط أزمة اقتصادية، ألقت بظلالها على أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية.
فلم تعد وجبة الكشري، وجبة بسيطة التكلفة، إذ ارتفعت أسعار مكونات طبق الكشري بفارق وصل لما يزيد عن 50% عن العام الماضي والأعوام السابقة.
في هذا التقرير نُقارن أسعار مكونات طبق الكشري خلال أعوام 2019، و2022، و2023، واخترنا الأعوام ليُمثل عام 2019 عام ما قبل الجائحة، إذ تسببت جائحة كورونا في ركود، أما عام 2022 وتحديدًا شهر مارس، لأنه العام الذي اندلعت فيه الحرب الروسية- الأوكرانية، أما شهر مارس فهو الشهر التالي للحرب كما ارتفع فيه الدولار بحوالي 3 جنيهات.
أما عام 2023، فتستمر فيه تداعيات الحرب بالإضافة لأزمة شُح الدولار، والتي تسببت في صعوبة الاستيراد، وارتفاع سعر الدولار متخطيًا حاجز الـ 30 جنيهًا.
ارتفاع سعر طبق الكشري بأكثر من 50%
سجل متوسط سعر طبق الكشري في المحلات عام 2019 ما بين 6و15 جنيهًا في المتوسط، أما اليوم فيتراوح سعر الطبق ما بين 15 و22 جنيهًا، وهو ارتفاع يزيد عن الضعف. إذ ارتفعت أسعار مكونات الطبق بفعل التضخم الذي أصاب البلاد.
وصلت معدلات التضخم في مصر، مارس 2023 لـ 33.7%، مقابل 12.1% من الشهر ذاته عام 2022، فيما بلغ معدل التضخم في مارس 2019 حوالي 13.8%، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
والتضخم هو ارتفاع في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، وفقًا للبنك المركزي.
جاء ارتفاع التضخم، في مارس 2023، مدفوعًا بارتفاع في أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 6.5%، ومجموعة الخضروات بنسبة 14%، وهي المجموعات التي تضم مكونات طبق الكشري، الذي يتكون من الأرز، والعدس، والمكرونة، والبصل، والطماطم، والثوم.
بلغ معدل التغير في أسعار بعض من تلك المكونات لـ 50% مقارنة بسعرها في مارس 2022، و2019، إذ ارتفع سعر العدس من 25 جنيهًا للكيلو، في 2019، ليصل إلى 50 جنيهًا للكيلو، وفقًا للنشرة الشهرية لمتوسط أسعار المستهلك الصادرة عن الجهاز المركزي التعبئة العامة والإحصاء.
وتمثل تلك الأرقام متوسط أسعار المستهلكين، إذ من المرجح أن ترتفع في بعض المناطق عن الأخرى أو باختلاف النوع.
ما سبب ارتفاع الأسعار؟
يتكون طبق الكشري من مكونات تستورد مصر أغلبها من الخارج، فبحسب تصريح مجدي الوليلي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، فإن مصر تستورد حوالي 97% من العدس من الخارج.
كما تستورد مصر الأرز من الخارج، لتأمين احتياجات السوق.
في فبراير 2022، قرر البنك المركزي تطبيق الاعتمادات المستندية على الواردات من الخارج، بدلًا من نظام التحصيل المستندي، ويتطلب نظام الاعتمادات المستندية توفير السيولة اللازمة لاستيراد السلعة من الخارج، يكون التعامل من خلال بنك المستورد والمصدر.
ومع شُح الدولار، لم يستطع الكثير من التجار والمستوردين توفير السيولة اللازمة لاستيراد السلع، ما تسبب في نقص المعروض في السوق، مع رفض البنك المركزي الإفراج عن البضائع قبل توفير العملة اللازمة، وبالتالي ارتفعت الأسعار.
كما ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها، إذ توقفت سلاسل الإمداد عن العمل، كما أن الكثير من الحبوب والبقوليات يتم استيرادها من دولتي الصراع.
ورغم أن البنك المركزي، قرر وقف العمل بنظام الاعتمادات المستندية في ديسمبر 2022، كما قرر استثناء الأرز والفول والعدس من ضرورة توفير "الغطاء النقدي الكامل" عند الاستيراد لمدة عام، أي حتى مارس 2024، إلا أن عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب في اتحاد الصناعات، مجدي الوليلي، توقع أن يستمر ارتفاع الأسعار الفول والعدس، لأن الإفراجات عن السلع في الموانئ ما زالت بطيئة، بحسب تصريحه في برنامج "كلمة أخيرة" الذي تُقدمه لميس الحديدي على قناة أون تي في.