google.com, pub-6069403238080384, DIRECT, f08c47fec0942fa0
طلقة قلم

محمد مكاوي يكتب| بديلاً للدولار.. كيف تهرب مصر من الأزمة الاقتصادية العالمية؟

اعتمدت معظم دول العالم على الذهب كمعيار لصرف العملات، إذ يتم ربط العملات الأجنبية بقيمة الذهب، إلا أن هذا النظام لم يعد مناسبًا للتجارة الدولية مع مرور الوقت، بالإضافة لهيمنة الدولار الذي أصبح أداة قوية لممارسة النفوذ العالمي، وتحقيق أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، خاصةً في المؤسسات المالية متعددة الأطراف التي تشرف على النظام المالي العالمي، ولا سيما صندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي، اللذان يعتبرا من أهم قنوات ممارسة نفوذ الولايات المتحدة، من خلال النظام القائم على القواعد ضد المنافسين.

كل هذه الأمور وأكثر دفعت عددًا من الحكومات إلى التوصل في نهاية المطاف لعقد اتفاقية بريتون وودز Bretton Woods سنة 1944، والتي مهدت الطريق لأن يصبح الدولار الأمريكي معيارًا لتحديد قيمة عملة البلد، فسُمح للدول التي كانت أطرافًا في الاتفاقية بدعم عملاتها بالدولار بدلًا من الذهب، ومن هنا بدأت اللعبة.

مارست الولايات المتحدة الاعيبها الاقتصادية وفرض عقوباتها العنترية الغاشمة، وما إن عارضتها إحدى الدول إلا وشنت عليها حربها الدولارية.

وبالنظر للوضع الاقتصادي المصري الحالي وما وصلت له نسب التضخم ومعدلات الفائدة، وحجم الديون الخارجية المتراكمة عبر القروض المتتالية وفوائدها، وقلة الموارد الدولارية التي زادت مع تفاقم الأزمة.

فهل هناك فرصة أمام مصر للخروج من الأزمة؟

وهل هناك بدائل للدولار للحد من نزيف العملة الخضراء لدى مصر؟

وهل تسلك مصر طريق الاعتماد على عملات أخرى لتوفير حاجاتها من السوق العالمي؟

بالفعل اتخذت مصر أول خطواتها نحو هذا التغيير الجوري في السياسة التجارية العالمية، ففي منتصف يناير من العام الحالي 2023 جحت مصر في إقناع البنك المركزي الروسي باعتماد الجنيه المصري ضمن قائمة العملات التي تحدد سعرها أمام الروبل الروسي، وهو ما يخفف الضغط على مصر في استخدام الدولار ويُساهم في الخروج من تحت وطأة العم سام، كما يسهم في إنعاش العملة المصرية مقابل الدولار، حيث اعتبرها كثيرون خطوة جيدة نحو توفير القمح أحد أكثر السلع الاستراتيجية وأكبرها أهمية لدى الشعب المصري.

 

التقارب المصري الصيني

سجلت مصر إحدى أهم أهدافها عبر التواصل مع الصين عملاق التصدير العالمي، عبر اجتماعات وزيارات موسعة قام بها كبار قادة التجارة والاقتصاد المصريين، حيث تسعى الصين حاليًا إلى التقارب مع مصر، وظهر هذا في آخر اجتماع بين وزير الخارجية المصري ونظيره الصيني، حيث أكد الجانب الصيني على الوقوف بجانب مصر في أزمتها الاقتصادية، وزيادة الاستثمارات الصينية في مصر خلال الفترة القادمة.

ويدرس بنك الشعب الصيني اعتماد الجنيه المصري وإدراجه ضمن العملات التي سيتم تحديد سعر صرفها أمام اليوان الصيني، ليصبح ضمن العملات القابلة للتداول داخل أسواقها المالية، حيث تظهر قوة وأهمية هذه الخطوة حينما تعلم أن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين- حسب وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد- بلغ 13 مليار دولار، بجانب الاستثمارات الصينية في مصر التي بلغت مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 2 مليار دولار خلال الفترة القادمة.

خطوة استخدام الجنيه المصري كعملة في العديد من الاتفاقيات يدعم ويقوي مركز الجنيه ويفقد الدولار سطوته وقوته ويضعف تأثيره على الاقتصاد المصري، والذي عانى من عدم استقرار سعر الصرف، علاوة على المطالبات المستمرة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بخفض قيمة الجنيه، مما أثر على الوضع الاقتصادي الداخلي في مصر.

مصر تهرب من الأزمة الاقتصادية العالمية

وكما تسعى الدول التي تعاني ضغوطاً على عملتها المحلية مقابل الدولار في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة التي يعيشها الجميع وألقت بظلالها على الاقتصادات النامية والناشئة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تسير مصر في اتجاهات مختلفة للهروب من الأزمات العالمية فيما تعيد صياغة علاقاتها التجارية مع العديد من الشركاء الدوليين للوصول لتوافقات وصيغ جديدة تخدم الوضع المالي لها، وتقلل الاعتماد على العملة الأمريكية.

التقارب المصري الهندي

أبدت مصر مؤخراً اهتمامها باستخدام الروبية في التبادل التجاري مع الهند بدلًا من الدولار.

وأعلنت الهند في وقت سابق، أنها تدرس بدء التداول بالروبية مع مصر، إلى جانب عدد من الدول الأفريقية، في إطار مساعي تدويل العملة الهندية، حيث بلغ حجم استيراد الهند للبضائع من مصر بقيمة 3.5 مليار دولار.

الانضمام لتجمع «بريكس» 

انضمت مصر أيضاً لبنك التنمية التابعة لتجمع «بريكس» الذي يعتبر من أهم التجمعات الاقتصادية في العالم، والذي يستحوذ على حصة هامة للغاية من الاقتصاد العالمي، من حيث التعداد السكاني الدولي ومعدل النمو الاقتصادي، وأيضاً يستحوذ على حصة هامة من حركة التجارة الدولية، وعلى ثلث إنتاج الحبوب في العالم.

يضم «بريكس» قيادات دول متعددة، منها الدولة المأسسة البرازيل، وأمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا، بالإضافة لدول جنوب شرق آسيا مثل الصين والهند وغيرها من الدول الهامة.

انضمام مصر لـ «بريكس» كان أمراً ضرورياً للاستفادة منه بشكل كبير في التبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء، أو حجم الاستثمارات المتدفقة بينهما، وحجم التدفق السياحي أيضاً، لأن مصر تشارك في خطوات هامة للغاية في قطاع السياحة في الفترات الأخيرة ومنح الكثير من التسهيلات لجذب السياحة لتصل إلى 30 مليون سائح خلال 5 أعوام وصولاً لعام 2028

تجمع بريكس يضم ما يقارب ثلث سكان العالم، ويعتبر مؤسسة مالية تمويلية، يضم رأس مال يصل لـ 100 مليار دولار مجمع من دول الأعضاء ومرشح له الزيادة خلال الفترة القادمة، من الدول التي تم إضافتها مؤخراً والتي من بينهم دولة الإمارات المتحدة.

مصر الان بصدد إنشاء بنك لديها سيكون له أذرع تمويلية على مستوي العالم، يملك رأسمال ضخم يتيح له منح الكثير من التمويلات، ولعب دور كبير على مستوي الاقتصاد الدولي، ودخول مصر هذه المجموعة بداية لانطلاقة اقتصادية جديدة.

تلك هي الخطوات التي اتخذتها مصر نحو تغيير مسارها المستقبلي وقلب بوصلتها التي دائما ما كانت تجاه العملة الخضراء بحكم سياسات التجارة العالمية، وفي انتظار جني ثمار هذه التغيرات في القريب العاجل.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى