يُعتبر الشيخ محمود خليل الحصري واحدًا من أعلام تلاوة القرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامي، إذ ارتبط اسمه بفن التجويد والترتيل حتى صار مدرسة قائمة بذاتها.

ويحتفل العالم الإسلامي، اليوم 17 سبتمبر، بذكرى مولد الحصري في مسقط رأسه بقرية شبرا النملة التابعة لمدينة طنطا بمحافظة الغربية، حيث بدأ رحلته مع القرآن منذ طفولته.

احتفال مصري خاص بـ مولد الحصري

وأعلنت قناة “مصر قرآن كريم” إحياء ذكرى مولد الشيخ محمود خليل الحصري، ببرنامج يتضمن إذاعة مجموعة من التلاوات النادرة للشيخ الراحل، حيث سيتم بث جزأين كاملين من المصحف الشريف بصوته المميز.

وبحسب ما ذكرته القناة، فمن المقرر أن يبدأ البث الأول في تمام الساعة 11:09 صباحًا، متضمنًا تلاوة الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، ابتداءً من مطلع سورة النبأ وحتى ختام سورة الناس.

أما البث الثاني، فسيكون في تمام الساعة 12:26 بعد منتصف الليل، ويتضمن تلاوة الجزء العاشر من كتاب الله، وذلك بداية من الآية 41 من سورة الأنفال وحتى الآية 92 من سورة التوبة.

نشأة الحصري جوار السيد البدوي

انتقل والد الشيخ من محافظة الفيوم ليستقر في الغربية قبل مولده، وهناك نشأ الحصري في بيئة محبة للقرآن، ودخل الكتاب وهو في الرابعة من عمره ليبدأ حفظ كتاب الله، وأتم الحفظ كاملًا وهو لا يزال في الثامنة، وبعد ذلك واصل رحلته التعليمية في المسجد الأحمدي بطنطا، لينتقل لاحقًا إلى المعهد الديني، ثم إلى الأزهر الشريف حيث درس القراءات العشر وأجادها.

رحلة الحصري من السيد البدوي إلى الحسين 

في عام 1944 اجتاز الشيخ اختبارات الإذاعة المصرية محققًا المركز الأول بين المتقدمين، ليبدأ صوته يصدح عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، بعد ذلك عُيّن قارئًا للمسجد الأحمدي بطنطا، ثم انتقل في عام 1955 إلى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، ليصبح واحدًا من أبرز الأصوات التي ارتبطت بهذا المكان العريق.

الحصري أول من سجل رواية حفص عن عاصم بصوته

وقد كان الحصري أول من سجّل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم، ليكون مرجعًا للأمة الإسلامية، وتبعه بعد ذلك بروايات أخرى، وكانت أول تلاوة له على الهواء في نوفمبر 1944.

ودعم الشيخ اراحل إنشاء نقابة تضم قراء القرآن الكريم وتحفظ حقوقهم، وسعى أيضًا إلى إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في القرى والمدن.

رؤيته لعلوم التلاوة

لم يقتصر دور الشيخ على التلاوة فحسب، بل كان يرى أن قراءة القرآن علم له أصول وقواعد، وأن الترتيل يفتح أمام المستمع آفاق التدبر والفهم.

كان الحصري يركز دائمًا على إخراج الحروف والنطق السليم الذي يجسد معاني الآيات، ولهذا السبب أصبح صوته أحد أكثر الأصوات تأثيرًا في وجدان المسلمين.

حياته الأسرية

تزوج الشيخ محمود خليل الحصري عام 1938 من السيدة سعاد محمد الشربيني، وأنجب أبناءً حرص على أن يحفظوا القرآن الكريم كاملًا، حيث كان يشجعهم بالمكافآت المالية على كل آية أو جزء يتم حفظه.

ومن أبرز أبنائه ابنته إفراج الحصري التي شغلت منصبًا رفيعًا في مجلس الشعب، كما ترأست حاليًا جمعية تحمل اسم والدها لتقديم الخدمات الدينية والاجتماعية.

وبرحيله في نوفمبر 1980، فقدت مصر والعالم الإسلامي أحد أبرز القراء، لكن صوته سيبقى خالدًا، يرافق المسلمين في صلواتهم وحلقاتهم القرآنية جيلاً بعد جيل.

تلاوات تاريخية في حياة محمود الحصري

يُعد الشيخ محمود خليل الحصري علامة بارزة في تاريخ التلاوة، فقد كان صاحب الريادة في العديد من المحافل الدولية، ففي عام 1977 أجرى رحلة تاريخية إلى الولايات المتحدة رافق فيها الإمام الراحل عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر آنذاك.

قراءة الحصري في البيت الأبيض والكونجرس

التقى الشيخان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. وخلال الزيارة طلب كارتر من الحصري تسجيل المصحف المرتل، كما شهد الكونجرس الأمريكي لأول مرة في تاريخه تلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت الشيخ الحصري.

وبعد أن أصبح الحصري أول قارئ يدخل صوته أروقة الكونجرس، كان أيضًا أول من قرأ القرآن في البيت الأبيض بدعوة رسمية من الرئيس الأمريكي.

تجربة استثنائية في بريطانيا والأمم المتحدة

وامتدت بصمات الشيخ الحصري إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث حظيت قاعة الملوك الشهيرة المطلة على نهر التايمز، بشرف تلاوته، وهي القاعة التي احتضنت اجتماعات واحتفالات ملكية منذ عهد الملكة فيكتوريا، وقد نالت تلك التلاوة إعجاب الحاضرين الذين تصادف وجودهم أثناء الزيارة.

كما شهدت رحلاته إلى بريطانيا دعوات من مدينتي ليفربول وشيفيلد عام 1978، حيث تلا القرآن أمام الجالية العربية والإسلامية هناك، قبل وفاته بعامين فقط. ولم يتوقف حضوره العالمي عند ذلك، فقد ارتفع صوته أيضًا داخل أروقة الأمم المتحدة، ليبقى واحدًا من القراء القلائل الذين أوصلوا التلاوة إلى مؤسسات عالمية بهذا الحجم.