
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 26 سبتمبر 2025 الموافق 4 ربيع الآخر للعام الهجري 1447، والتي جاءت بعنوان، “اليقين”.
نص خطبة الجمعة اليوم 26 سيتمبر 2025
وتستعرض “سوشيال برس” نص خطبة الجمعة اليوم والي جاء على النحو التالي:
الخطبة الأولى: اليقين في الله ومواجهة الإلحاد
الحمدُ لله الذي أنشأ الخلقَ بقدرته، ودبَّر الكونَ بحكمته، وأرسلَ رسلَه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، نحمدُه سبحانه حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أنّ سيدَنا محمّدًا عبدُه ورسولُه، المبعوثُ رحمةً للعالمين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعدُ:
فيا عبادَ الله، اعلموا أنَّ اليقينَ في الله منزلةٌ شريفةٌ تُثمر سكونَ القلب وطمأنينةَ الروح وراحةَ النفس.
اليقين هو أن تستشعرَ أنَّ الله معك في جميع أحوالك: في سرائك وضرائك، في قبضك وبسطك، وأن توقن أنّ لهذا الكون ربًّا مدبرًا حكيمًا لا يغيب عن شيء. اليقين هو أن ترى بلطف الله في أشد لحظات الشدة، وتدرك أن الابتلاءات أبواب للرفعة لا عبث فيها ولا ضياع.
أيها الأحبّة، حين يغيب اليقين يظهر الشك ويترسخ الإلحاد، والإلحادُ اليوم ليس مجرد فكرة عقلية أو نظرية جامدة، بل هو في أصله أزمة قلب قبل أن يكون أزمة فكر، إنّه صرخة إنسان أرهقته الجراح وفقد السند، فظنّ أن إنكار الخالق يخفف ألمه.
وهنا تكمن خطورة الأمر: أن نترك شبابنا نهبًا للشكوك دون أن نجد لهم حضنًا دافئًا أو عقلًا حكيمًا يجيب عن تساؤلاتهم.
فلنكن رحماء بأبنائنا، نصغي لأسئلتهم، ونحاورهم بالحسنى، بعيدًا عن العنف أو التعصب، وليكن خطابنا قائمًا على اليقين المستنير، يجمع بين نور الوحي ومكتسبات العلم، يفتح للعقول نوافذ الأمل بدل أن يدفعها إلى متاهات الضياع.
عباد الله، تذكّروا أنّ كل ملحد قصة فريدة تحتاج إلى صبرٍ ورحمة، لا إلى صدٍّ وتوبيخ، فلنغرس في نفوس أبنائنا أنّ الدين يحب الحياة، وأن القرآن كتاب اليقين، قال تعالى:
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}.
الخطبة الثانية: اليقين وتنظيم الأسرة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
أيها الإخوة المسلمون، إذا كان اليقين يورث طمأنينة القلب وسكينة الروح، فإن التربية الإيمانية لأبنائنا هي السبيل لترسيخ هذا اليقين في حياتهم، والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وقوتها ليست بكثرة عدد الأبناء، بل بحسن تربيتهم ورعايتهم وتعليمهم.
لقد حذّرنا النبي ﷺ من التفريط في هذه المسؤولية العظيمة فقال:
«كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ»،
وقال أيضًا: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
إخوة الإيمان، إنّ تنظيم الأسرة ليس مجرد شعار، بل هو وعي وإدراك، وتخطيط حكيم لمصلحة الآباء والأبناء معًا. فالأمة التي تستثمر في أبنائها تربيةً وتعليمًا وصحةً، هي أمة قوية قادرة على البناء والتنمية، أما كثرة العدد بلا تربية ولا وعي فليست قوة، بل عبء يرهق المجتمع.
فلنستثمر في عقول أبنائنا، ونغرس فيهم القيم، وننمّي مهاراتهم، ليكونوا جيلًا نافعًا لنفسه ولدينه ولوطنه، ولنكن جميعًا رعاة أمناء، نعيد اليقين إلى قلوبهم، ونبني بهم مستقبل أمتنا.
اللهم احفظ بلادنا من كل سوء، واملأ قلوبنا يقينًا بك، وارزقنا الأمن والأمان والإيمان الكامل يا رحيم يا رحمن.