طلقة قلم

مختار محمود يكتب: خلطبيطة في إذاعة القرآن الكريم

 تفاءل متابعو ومستمعو إذاعة القرآن الكريم خيرًا بتعيين الإذاعي الكبير رضا عبد السلام رئيسًا لأقدم إذاعة دينية في العالم الإسلامي؛ لا سيما أن الرجل صاحب سيرة ذاتية ومهنية رائعة.
الشهور الماضية أثبتت أنه ليس كل ما يتمناه المستمع يدركه. يبدو أن هناك سُلطة أكبر من “عبد السلام” تتحكم في مقاليد الأمور داخل الشبكة العتيقة. يتردد أن وزير الأوقاف الحالي يفرض كلمته ويتحكم في كل صغيرة وكبيرة. يبدو أن أحدًا لم يخبره بعدُ بأن وجوده في إذاعة القرآن الكريم أفقدها أكثر من نصف شعبيتها وتلثي قيمتها و99% من تأثيرها.
من الأزمات التي تموج بها شبكة القرآن الكريم حالة الظلم وعدم الإنصاف التي تشيع بين القراء. بعض القراء يحصل على أكثر مما يستحق. والبعض الآخر يعاني ظلمًا واضطهادًا. في الوقت الذي يسيطر فيه عدد محدود من القراء على هواء الشبكة فجرًا وجُمعة وغيرهما، فإن هناك فريقًا ثانيًا تم وقفه على الأمسيات والتلاوات المسجلة فقط، وفريقًا ثالثًا تم حظره تمامًا دون إبداء أسباب منطقية أو مقبولة رغم اجتيازه اختبارات لجنة الاستماع منذ سنوات ليست قليلة.
ورغم أن هؤلاء المحظورين طرقوا جميع الأبواب المشروعة وسلكوا كل المسالك القانونية إلا إنهم لم يجدوا آذانًا صاغية لهذه الأزمة المستعصية، بل إن كثيرًا منهم عاد إلى مسقط رأسه وتنازل عن حلمه بشكل نهائي. المؤسف أن تعلم أن بعض الموظفين والفنيين داخل الشبكة هم من يتعنتون ضد بعد القراء؛ ابتزازًا أو تصفية حسابات أو تمكينًا لقراء آخرين “بلدياتهم”!!
من العار أن تشهد أروقة شبكة القرآن الكريم مثل هذا الظلم. أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟ هناك وجه آخر للأزمة يتعلق بلجنة الاستماع التي لا يعلم أحد عنها شيئًا. لجان الاستماع في عقود سابقة أسهمت في تأسيس دولة التلاوة المصرية من خلال البحث والتنقيب عن مواهب حقيقية ومبدعة، بل إنها كانت تشد الرحال إلى المحافظات البعيدة؛ بحثًا عن موهبة حقيقية ولا تنتظر انعقاد مسابقة ولا تخضع لكارت توصية.
أما في السنوات الأخيرة فإن الأهواء والنوايا غير الطيبة أصبحت تتحكم في عمل اللجنة التي تحولت إلى باب خلفي لتسلل منزوعي الموهبة. كشفتُ في وقت سابق عن الطريقة غير المشروعة التي تسلل بها الطبيب صلاح الجمل إلى سجلات الإذاعة والتليفزيون قبل أن يتم وقف ظهوره لأجل غير مسمي بعد ثبوت عدم أهليته وتورطه في أخطاء فادحة أثناء التلاوة. تتحمل لجنة الاستماع في العقدين الأخيرين على الأقل عن تدهور دولة التلاوة المصرية؛ سواء من خلال تمرير أصوات شائهة باهتة لا تصلح، أيًا كانت الأسباب والدوافع والضغوط، أو من خلال حجب وتعطيل مواهب حقيقية، لكنها لا تملك من أوراق الضغط والنفوذ ما يملكه سواها. حالة الهوان والضعف التي اجتاحت دولة التلاوة وتسببت في تقويض دعائمها تتحمله لجنة الاستماع التي تحولت إلى “بيت الداء”.
ولن ينصلح حال دولة التلاوة المصرية قبل التعامل مع “بيت الداء” وتطهيره وإعادة صياغته وبنائه على أساس من الإخلاص والصدق والأمانة. إن كانت هناك رغبة حقيقية في تصحيح المسار وإحياء دولة التلاوة مجددًا، فإن البداية تكون من إصلاح لجنة الاستماع من خلال إعادة تشكيلها وانتقاء العناصر الصالحة القادرة على الاختيار السليم، وإعادة العدل المُطلق إلى خريطة شبكة القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى