شعاع نور يطل علينا من مهنة البحث عن الحقيقة في الوقت الذي يوقع فيه الكثيرون شهادة وفاتها؛ ليثبت لنا أن جيلا جديدا من الشباب يستطيعون صناعة الفارق وإحياء الصحافة بعد موتها، عن طريق التخلي عن الحقيقة المغلفة وتقديم معلومات طازجة وخارجة عن المألوف.
البحث عن الخبر في الشوارع والأزقة وجنبات المحاكم والتفتيش فيما وراء الحدث هو ما أتقنه وبرع فيه الصحفي الشاب الزميل مصطفى درغام المتخصص في الحوادث، والذي حصدت موضوعاته الصحفية ملايين المشاهدات والقراءات، بفضل موهبته الاستثنائية في العثور على الخبر وإيصاله إلى الجمهور بحبكة صحفية- درامية تدفعك لقراءة القصة حتى الحرف الأخير. البحث عن معلومات طازجة طوال الوقت وتقديمها للقارئ برواية موضوعية وصادقة وبأكبر قدر من السرعة والدقة؛ هو سر نجاح “درغام” الذي تميز بإثارة قضايا شغلت الرأي العام وحازت اهتمام القراء وأثبتت أن الخبر الجيد هو الذي يقدم جديدا ويضيف معلومة فريدة.
ما يفعله مصطفى درغام يتطابق مع القول المأثور الذي كتبه “سكوت”، رئيس تحرير مانشستر جارديان، في افتتاحية موقعة باسمه في الخامس من مايو عام 1921، فقد قال إن “مهمة الصحيفة الرئيسة هي جمع الأخبار، وعليها أن تخاطر بروحها لكي تتأكد من أن الزاد ليس ملوثا؛ ولا ينبغي لوجه الحقيقة المشرق أن يشوه، لا نتيجة ما تقدمه، أو ما تمنعه، ولا في طريقة عرضه” واختتم مقاله بأن التعليق حر ومجاني لكن الحقائق مقدسة. لم يكتف “درغام” بالبيانات الرسمية التي تأتي على الإيميل لجميع الصحفيين الذين يشتركون في تغطية أخبار الحوادث والتي غالبا ما تكون رواية موحدة تخلو أحيانا من التفاصيل والأسئلة التي تدور في ذهن القارئ، بل يقفز بعيدا حيث يوجد الحدث ويحاور أطرافه وينتزع منهم اعترافات جديدة وروايات مختلفة؛ ليصنع منها قصة طازجة تشبع نهم الجمهور المتعطش للصحافة الرشيقة المفعمة بالحيوية وروح الشباب.
يقول ديفيد راندال كبير محرري الأخبار في الإندبندنت، في كتابه “الصحفي العالمي”: “إن دخلت غرفة مكتظة بالصحفيين وسألتهم عمن تبنى رأيا حول الحدث الإخباري المهم المتعلق بما يجري على الساحة حاليا، لرفع كل منهم إصبعه، وحين تسأل من يمتلك معلومات طازجة غير منشورة حول هذا الحدث، تنزل كل الأيدي، الحقيقة هي أن كل شخص لديه تعليق، مثير أو يفتقد الإثارة، ولكن لا تملك المعلومات الجديدة سوى قلة قليلة من الأشخاص، فالتعليق أمر شائع ومبتذل، والمعلومات نادرة ولذلك فهي قيمة”.
مصطفى درغام الصحفي الشاب الذي تميز بطرح المعلومات الطازجة والمتفردة تعرض أول أمس لحادث سير أليم -أثناء ذهابه إلى عمله- نقل على أثره إلى المستشفى، وينتظر الآن إجراء عملية جراحية.. تماسك يا صديقي وكن قويا كما عهدناك، فذلك اختبار وأنت جديرا باجتيازه، وغدا ستشرق الشمس وتعود إلى شغفك وبحثك عن الحقيقة.