
يظل اسم صالح سليم حاضرا في ذاكرة الكرة المصرية والنادي الأهلي كرمز للموهبة والانضباط والإخلاص، ولم يكن مجرد لاعب بارع أو إداري ناجح، بل كان حالة خاصة صنعت للأهلي شخصية وهيبة امتدت لعقود.
أسرة مثقفة وانتماء للأشراف
وُلد صالح سليم في مثل هذا اليوم 11 سبتمبر 1930 بحي الدقي بالجيزة، حيث نشأ في وسط أسرة مثقفة، فوالده الدكتور محمد سليم كان من رواد أطباء التخدير في مصر، بينما والدته السيدة زينب الشرف تنتمي لأشراف مكة المكرمة، وتعرفا عندما كان يجري لها عملية جراحية خلال إقامتها مع عائلتها في مصر وتزوجها، ونشأ صالح بين شقيقيه عبد الوهاب وطارق، ليصبح الابن الأكبر والمسؤول منذ صغره.
عشق الكرة منذ الطفولة
بدأ صالح ممارسة كرة القدم في شوارع حي الدقي، قبل أن يلفت الأنظار بمدرسة الأورمان الإعدادية، ثم منتخب المدارس الثانوية بالمدرسة السعدية، عام 1944، اكتشفه الكابتن حسن كامل وضمه للنادي الأهلي ناشئًا، ليبدأ رحلة المجد.
نجم الأهلي الأول.. ومحطة الاحتراف
لمع نجم صالح سريعًا، فتم تصعيده للفريق الأول وهو في السابعة عشرة، وكانت أول مباراة له عام 1948 أمام المصري البورسعيدي وسجّل هدف الفوز، ليصبح من حينها أحد أعمدة الأهلي وواجهة الكرة المصرية حتى اعتزاله عام 1967.
خاض تجربة احتراف قصيرة مع نادي جراتس النمساوي، قبل أن يعود للأهلي ويواصل مشواره الحافل، ورغم قصر فترة الاحتراف، فقد أكسبته خبرة أوروبية مهمة انعكست على أدائه وقيادته للفريق.
إداري محنك ورئيس تاريخي
اتجه صالح سليم بعد الاعتزال للإدارة حيث عمل مديرًا للكرة بالأهلي عام 1971، ثم خاض انتخابات مجلس الإدارة، ورغم خسارته الأولى، عاد عام 1980 ليصبح رئيس النادي، حاملاً شعاره الشهير: “الأهلي فوق الجميع”، وفي عهده حصد الأهلي بطولات غير مسبوقة، وازدادت شعبيته الجارفة.
إنجازات صالح سليم مع الأهلي
حقق صالح سليم مع الأهلي 11 بطولة دوري و8 كؤوس مصرية، كما قاد منتخب مصر للتتويج بكأس الأمم الأفريقية 1959، وسجّل خلال مسيرته 101 هدف، بينها رقم تاريخي بإحراز سبعة أهداف في مباراة واحدة أمام الإسماعيلي.
حضور فني قصير.. وحياة أسرية مستقرة
دخل عالم الفن بمشاركة في أفلام بارزة مثل “الشموع السوداء” و”الباب المفتوح” أمام فاتن حمامة، لكنه فضّل الابتعاد مؤكدًا أن مكانه الحقيقي داخل الملاعب.
وتزوج من السيدة زينب لطفي بعد قصة حب كبيرة، وأنجب هشام وخالد، وظل زواجهما قائمًا حتى وفاته، ليجسد صورة العائلة المستقرة والداعمة لمسيرته.
مواجهة المرض ورحيل مؤلم
عام 1998 أصيب بسرطان الكبد، وخاض رحلة علاج طويلة بين القاهرة ولندن بصمت بعيدًا عن الأضواء، وفي السادس من مايو 2002 رحل عن عمر يناهز 72 عامًا، لشيّعه مئات الآلاف في مشهد مهيب.