google.com, pub-6069403238080384, DIRECT, f08c47fec0942fa0
فى الميدان

«أطفال التوحد» بين إهمال «الصحة» ومعاناة الأمهات

باحثة تربية خاصة: تنمية مهارات الأطفال في غاية الأهمية بالمراحل الأولى من العمر

 

تحقيق: جولستان حميد

 

في السنوات الأخيرة، انتشر في مصر مرض طيف التوحد بين الأطفال بشكل ملحوظ، فلا يخلو مكان تجمع لهم سواء مدرسة، أو مكان للتنزه إلا وتجد طفل يصرخ بشكل هيستيري، وكأنه يريد أن يقول شيء ما أو يقول للجميع “ها أنا هنا”، فيبدأ من حوله في الابتعاد عنه، وعدم التعامل معه مرة أخرى، فهو لا يستطيع التعبير عما يريد إلا بالصراخ، فضلََا عن عدم مقدرته على تكوين شبكات اجتماعية.

بوابة”سوشيال برس“ رصدت معاناة الأمهات مع أطفالهن من ذوي طيف التوحد والتي رفضن ذكر اسماء أبنائهن واستجابت “البوابة” لطلبهن، كما طالبن من وزارتي الصحة والتعليم بتقديم الدعم المادي لهن؛ لعدم قدرتهن على دفع مصاريف الجلسات الخاصة بمرض طيف التوحد.

في البداية أوضحت – أم رفضت ذكر أسمها أو إبنتها- البالغة من العمر 13 عاماً، وفي الصف الرابع الابتدائي، إنها أكتشفت الحالة وهي في عامها الأول.

وقالت: ابنتى كانت لاتستطيع الجلوس، أو الانتباه لمن يقوم بمحاولة اللعب معها، فقمت على الفور بالذهاب لطبيب أطفال الذي قام بدوره بتحويل حالة ابنتى إلى تخصص مخ وأعصاب، وتم عمل أشعة، وأخبرنا الطبيب وقتها إنها لديها نقص في نمو المخ، أي لديها ضعف ذهنى ودرجة من درجات التوحد.

وتابعت: ابنتي أخذت وقتها في جلسات العلاج الطبيعي وأصبح لديها قدرة على المشي، وتحسنت حالتها، وعند بلوغها سن الالتحاق بالمدرسة لم أتمكن لقدرتها الذهنية الضعيفة، فالتحقت بفصل تربية خاصة.

وأردفت: ابنتى التعامل معها صعب للغاية، ويحتاج لمجهود مضاعف عن الطفل العادى فهى متأخرة دراسياً، ولذلك أتمنى أن حالتها تتحسن وتصبح طفلة عادية مثل باقي الأطفال، و هناك مدرسة خاصة لمثل هذه الحالات، ولكن مصاريفها مرتفعة للغاية خاصة إن والدها يعمل باليومية، ولديها ثلاث أخوات بمراحل تعليم مختلفة، وأنا ربة منزل ليس لدي وظيفة، وأتمنى من وزارة الصحة تساعدنا في ثمن جلسات التخاطب فهى ثمنها مرتفع جداً، كما أتمنى من وزارة التربية والتعليم توفير مدارس خاصة بالأهتمام بأطفال التوحد بالمحافظات حتى يتم التعامل معهم بشكل تربوي.

وتابعت: المدرسة الخاصة بابنتى في فصلها تؤكد إن الاستجابة لديها ضعيفة، ولذلك أطالب أن يتم التحاق إبنتي بمدرسة جيدة يكون فيها إهتمام بحالات التوحد”،فابنتى تستوعب وتقوم بالتخزين في مخها وتردد ما يقال لها، وهى في حاجة شديدة لحضور جلسات تخاطب لأنها منذ فترة طويلة لم أستطيع الذهاب بها، حيث يبلغ ثمن الجلسة الواحدة 100جنيهاً.

وتوضح أم أخرى معاناتها مع طفلها قائلة: معاناتي  بدأت منذ عدة أعوام، وتتلخص في عدم معرفتي بما يريد، حيث إن طفل التوحد لديه فقر التواصل، والتعبير اللفظى وكذلك لديهم حساسية من بعض الأطعمة، وإذا ما تناول شيء به مادة حافظة فذلك بيؤدي إلى فرط الحركة والانتباه لديه، وتزيد المواد السكرية من تشتيت الطفل التوحدى واستيعابه وكذلك إدراكه وحركته”، كما أن لديه حساسية من أنواع الملابس وخاصة في أثناء تغيير الفصول.

وتستكمل وصف معاناتها معه قائلة: نوبات صراخه تحرجنى أمام الناس؛ خاصة إذا كان يلعب مع أطفال في مثل سنه، فدائمََا ما تأتى الأمهات تشتكي وبمجرد معرفتها أنه طفل توحد تطلب من ابنها على الفور عدم التعامل معه مرة أخرى، وكأن لديه مرض معدي ونظراتهم لي وله ترهقنى نفسياً، فابنى ليس لديه مرض جلدي معدى أو مجنون، وبالتالى أجد معاناة في الخروج من المنزل، فيكفي الضغط الذي اتعرض له حتى اهتم به فمن الممكن أن يترك يدي ويجري، أو يختفي من أمامي إذا انشغلت عنه، وهو بالطبع لا يعرف كيفية الذهاب للبيت، بالإضافة للزرهاق المادي، والمعنوي للذهاب لجلساته وتوفير أساليب رعايته وعلاجه، والذهاب الدائم لمركز لتفريغ طاقته، وبالإضافة للإرهاق البدني الذي أتعرض له يومياً؛ فمواعيد نومي مرتبطة به، فلا يمكننى عمل شيء حتى الاهتمام بإخواته ودراسته.

من جانبها و توضح الدكتور أميرة ماهر، اخصائية التربية الخاصة لـ”سوشيال برس”، تعريف مرض التوحد الذي يتلخص في أنه إضطراب نمائي، بمعنى أنه يؤثر على مراحل النمو لدى الطفل، وحتى الآن كل الدراسات، والأبحاث لم تتطرق لأسباب هذا الاضطراب عند الأطفال، وأسباب انتشاره في مصر وبعض الدول الأخرى، حيث تكتشف الأم فجأة عند بلوغه عامه الثالث، فيكون غاية الوضوح فيدخل الطفل في نوبات صراخ وبكاء بدون داعي أو العكس؛ حيث تكون نوبات الضحك غير مبررة، مؤكدة أن أهم ما يميز طفل التوحد هو التواصل فليس لديهم تواصل بصري، فأي مثيرات أمامه مثل ضوء الليزر أو حيوان أليف يمر أمامه أو كرة ملونة لا ينتبه له بعكس الطفل العادى الذي يستجيب لهذه المؤثرات التى تلفت نظره فوراً، و أثناء التحدث معه لا ينظر إلى من يتحدث معه، فلا يوجد التواصل بالعين لديه، وإذا كان الطفل لديه بعض مهارات اللغة ويقول بعض الكلمات و قام بالرد على أمه أو معلمته من الأساس لا ينظر إليها، ويتظاهر بعدم السمع، فبعض الأمهات تعتقد أن لديه مشكلة في هذه الحاسة، وبعد الكشف تكتشف أنه يتظاهر بالصمم خاصة عند إلقاء الأوامر،

ونشر ماهر أن من سمات طفل التوحد أيضََا أنه ليس لديه علاقات إجتماعية بالمرة، فهو لا يشارك الأطفال في مثل سنه، أو أخواته في اللعب، فهو دائم اللعب بمفرده ومرتبط بالهاتف الجوال أكثر أو لعبة يرتبط بها أو مثلاً حبل، أو أي شيء ليس له أهمية.

وأضافت، أن من سمات الأطفال التوحدين أيضاً أنه لايحب التغييرفي روتين حياته، فإذا قام بوضع لعبة أو شيء أخر في مكان لابد أن تظل في مكانها دون تغيير.

وأوضحت ماهر أن طفل التوحد استجابته غريبة إلى حد ما، بمعنى أنه إذا ما حدث صوت عالي بجانبه يضع يديه الأثنين على أذنيه ليبدأ في الصراخ، ومن الممكن أن تكون الاستجابات حسية فهو لا يقبل أن يلمسه شخص، أو إذا قام بلمس فرو حيوان أو الصلصال، والألوان فلا يعرف كيفية الاحساس بها أو التعامل معها، فاضطرابات السلوك العام هي التي تكشفه أمام من حوله سواء كان في مدرسة أو غيرها من الأماكن؛ حيث يتميزون أطفال التوحد بسلوكيات مضطربة أو التي نطلق عليها الغير مقبولة إجتماعيََا فتظهر بشكل متكرر مع هؤلاء الأطفال مثل نوبات الصراخ، والغضب، وإيذاء نفسه عن طريق الضرب أو شد شعره، حيث إنه لديه مشكلة في الإحساس، فمن الممكن أن يضع يده في مياه ساخنة ولا يشعر بالألم أو يجرح نفسه وبالنسبة له شيء عادي جداً، وهذه النوعية من السلوكيات تعيق الطفل من ممارسة حياته الاجتماعية أو مشاركته البيئة المحيطة به.

وطالبت” ماهر” الأمهات أن يكون لدىهن إدراك ووعي بمهارات الأطفال في مراحل عمرهم المختلفة، بمعنى أنه إذا تم الطفل عامه الأول تكون لديها معرفة أن في هذا العمر ماهو المفترض أن تكون لغة الطفل يستطيع التلفظ بكام كلمة مثلاً، وكذلك تنشئته الإجتماعية والمهارات الحركية لديه أو الرعاية الذاتية فمتي يستطيع أن يمسك كوب ليشرب منه أو متي يتواصل مع من حوله وذلك في المراحل النمو الطبيعية، فإذا ما كان هناك قصور، تتدخل على الفور، وكذلك من المهم جداً أن تعرف أن تنمية مهارات الأطفال هي في غاية الأهمية في مراحل الأولى من العمر، فالثلاث سنوات أو الأربع الأولى هى الفترة التي يتكون فيها مهاراتهم، فلا يجب تركه أمام شاشة التليفزيون فترة طويلة وتعلم جيداً من يكون معه إذا كانت تعمل مثلا وتكون مضطرة لتركه فترة النهار, وتلاحظ أيضاً طريقته في الحركة والتواصل الخاص به وهل يستجيب لها عند نداء أسمه، وكذلك استجابته للمثيرات التي تكون أمامه.

ولفتت ماهر إلى أنه يجب على الأم أن تراعي التنشئة الاجتماعية لدى الطفل فلا بد أن تلاحظ استجابته مع الاخرين إذا لم يكن لديه أخوة، موضحة أنه في حالة عدم قدرة الأمهات توفير الخامات والأدوات الجاهزة لتنمية مهارات الأطفال، فيجب عليها توظيف البيئة المحيطة به والابتكار للالعاب عن طريق الأطباق البلاستيكية وكذلك الكرات تكون كبيرة الحجم حتى لا يكون من السهل عليه ابتلاعها، وتبعد عنه الخطر فلا تستخدم آلة حادة أثناء إبتكار هذه الألعاب، وكذلك تنمية مهاراة الأم شخصياً وتحاول تبتكر مواقف حياتية تساعد على تنمية مهاراته و تستشير على الفور المتخصصين لقياس مهارات الطفل في أثناء مراحل نموه الأولى في جميع النواحي المختلفة مثل الرعاية الذاتية المهارات الادراكية والتفاعل الاجتماعي، ومن أهم المهام التى يجب أن تقوم بها الأم للطفل التوحدي هو تدريبه في المراحل الأولي على مهارات التقليد والمحاكاة وتنمية التواصل اللفظى والغير لفظى، وفي حالة اكتشاف قصور في مهاراته عليها أن تقوم بالكشف المبكر وتذهب على الفور للأطباء المتخصصين وكذلك أخصائيين نفسية وتربية خاصة.

ونصحت “الباحثة” الأمهات بعدم الإحساس بالذنب من أن لديها طفل توحد، ولا تشعر بالخجل منه، وتشجع أخواته بأن يتقبلوه كما هو بما لديه من طيف توحد وفرط حركة، ويقبلوه اجتماعيََا، ويقوموا بمساعدته لتنمية مهاراته، ولابد من مشاركة طفل التوحد مع أخواته وتشجعهم بالصبر عليه وتقديم مكافآت التى يفضلها الطفل العادي حتى يتعامل الأطفال سواء أصدقائه، أو أخواته، مع طفل التوحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى