أخبار

محمد شبانة.. السيناتور الذي حوّل النقابة إلى خرابة

كتب:حسام السويفي

يخطئ من يعتقد، أن فتح ملف مخربي نقابة الصحافة، يرمو فقط إلى كشف أشخاص بأعينهم، فما يعنيني أعظم من ذلك، فالحفاظ على النقابة هدف لا سبيل له إلا بإدانة من أفسدوها، وحولوها من نقابة كانت -حتى وقت قريب- سندا لمنتسبيها، إلى تابوت يحمل داخله جثة، قتلوها من اعتلوا مجلسها، ووقفوا بكل جرأة يتقبلون فيها العزاء بقلب بارد.

 

الكتابة عن  نقابة تم اغتيالها بفعل فاعل، أشبه بتسجيل الأهداف عقب انتهاء المباراة، وأقرب إلى طبيب يحاول إنعاش قلب مريضه بعد إعلان وفاته، والحكي عن مبنى شاهد الجميع قتله مع سبق الإصرار والترصد، يتماهي مع ذكر محاسن موتانا، ولذلك لن يحبر قلمي بالكتابة عن النقابة واغتيالها، بقدر ما سأقوم بتفكيك الصورة، محاولا إعادة تركيبها من جديد، فمن المهم ألا نتلقى ما حدث على اعتباره حدثا عابرا، بقدر تلقيه على أنه جريمة يجب معرف فاعلها الأصلى ودوافعه، ورصد وقائعها بمعلومات دقيقة، وتحليل منطقى لا يخاصم الواقع، ولا يجافي الحقيقة.

لم يكن ثمة ضغينة مع محمد شبانة سكرتير عام نقابة الصحفيين، بل على العكس، فالرجل حاول التودد، عبر مهاتفته لي عقب خروجي من محبسي، دون وجود معرفة مسبقة، إلا أن ما تعلمته نقابيا، يرجح كفة الدفاع عن النقابة في مواجهة من يسعى لتخريبها، لتسقط أي كفة أخرى بما تحمله من علاقات شخصية، فالسكوت عن جريمة اغتيال النقابة، جريمة أكبر لا يمكن أن تغتفرها صاحبة الجلالة مهما مرت السنون، بعدما وصلت النقابة لحالة من التجميد الممنهج، عبر أداء وسياسات سكرتيرها العام، الذي لديه عقدة من اسم منصبه، لا يعرف أحد أسبابها، دفعته للتوقيع باسم الأمين العام للنقابة على جميع المستندات التي تستوجب توقيعه.

شبانة يعلن رصد 6 ملايين جنيه لترميم واجهة النقابة.. وبلاغ للنائب العام يتهمه بإهدار أموال النقابة:

كان محمد شبانه يعرف تمامًا ما يريده، فمنذ اللحظة الأولى من اعتلائه منصب سكرتير عام النقابة، أدرك أن مهمته لن تقتصر فقط على قتل الروح داخل بهو النقابة، وتحويلها إلى مكاتب أشبه بتلك الكائنة في المصالح الحكومية، لإنهاء أوراق العلاج أو القروض فقط، ولكنه عمد إلى إهانة المبنى، وتحويله إلى مقبرة، وإن شئت الدقة قل خرابة، بحجة ترميم جدرانه، وتثبيت كرانيشه على حسب ادعائه، ليتم أسر النقابة واختطافها عبر السقالات لنحو عامين، بعدما كانت قبلة الصحفيين، الذين يولون وجهوهم شطرها لانتزاع صاحب مظلمة حقه، أو لالتقاء منتسببيها في دورها الثامن، حيث الكافتريا التي تجمعمهم بعد يوم عمل شاق.
لم يمانع شبانة من إصدار تصريحات تدينه، ولا تحصنه من المسائلة، فصرح في مارس الماضي، بأن المجلس وافق على رصد 6 ملايين جنيه لترميم واجهة النقابة، على أن تتولى شركة المحمودية التابعة لوزارة الاوقاف تلك المهمة، إلا أن أحدا من العمال لم يبدأ في ترميم الواجهة حتى الآن كما ادعى، لتظل السقالات شاهدة على عدم صحة تصريحاته في وضعها بحجة الترميم.

 

نجح شبانة في تحويل سلم نقابة الصحفيين إلى خرابة لا تسر الناظرين، إلا نظره، واستطاع تحطيم معنى ورمزية سلم النقابة، الذي كان قبلة القوى الثورية لإسقاط حكم مبارك، ومن بعده إسقاط حكم المرشد، في الوقت الذي أطلق فيه  هو لحيته مغازلا الرئيس الراحل محمد مرسي وجماعته إبان حكمهم لمصر، وظهر في القنوات الفضائية التي يقدم برامجه الرياضية عبرها، مادحا لمرسي أحيانا، وصامتا إزاء جرائم الجماعة دائما، بينما كان الصحفيون الحقيقون يهتفون بسقوط المرشد وجماعته، ولعل صوت الشهيد الحسيني أبو ضيف هاتفا بسقوط حكم المرشد، ما زال يدوي في شارع عبد الخالق ثروت، الذي دنسته سقالات نقابة تم اختطافها.

وضع السقالات على سلم النقابة، وتصريحات شبانة برصد 6 ملايين جنيه لترميم واجهتها دون البدء في العمل حتى الآن، دفع الزميل حسام السويفي، عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، إلى تقديم بلاغ للنائب العام ضد شبانة، متهما إياه بإهدار المال العام، وتعمد وضع السقالات في مدخل النقابة لفترة طويلة، مما عرقل دخول وخروج الصحفيين وتشويه واجهة النقابة.

وجاء في البلاغ: “أنه تم وضع عدد كبير من السقالات على مبنى نقابة الصحفيين الكائن في شارع عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة منذ ما يقرب من نحو عام، بتبريرات وحجج، صدرها  مجلس نقابة الصحفيين على لسان سكرتيرها العام، وهي ترميم واجهة النقابة، برصد ٦ ملايين جنيه لترميم واجهة النقابة، وأنه تم التعاقد مع شركة المحمودية التابعة لوزارة الأوقاف، للبدء في العمل عقب انتهاء انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، التي تم إجراؤها في ٢ إبريل الماضي.
وأردف السويفي في بلاغه: “وحيث إنه قد مر نحو سبعة أشهر على تصريحات سكرتير عام النقابة دون الشروع في بدء الترميم، ودون وجود أسباب منطقية لذلك، مع استمرار وضع السقالات على نحو أدى إلى تشويه المبنى، والشارع معََا.
وتابع السويفي في بلاغه: “ولما كان المبلغ المذكور ٦ ملايين جنيه لترميم واجهة النقابة، مبالغََا فيه، مع طببعة العمل المعلن عنه من ترميم واجهة النقابة، وهو ما يوضح أن هناك جرائم إضرار عمد، وإهمال جسيم بأموال نقابة الصحفيين، وهي أموال عامة بحكم القانون، الأمر الذي يستوجب المساءلة قانونََا للفاعلين الأصليين، ومن عساه شارك في هذه الجرائم بالتحريض، أو بالاتفاق، أو بالمساعدة، وكل من تسبب في إهدار أموال النقابة، وفقا لنص المادة 18 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات منذ عام 2007، فضلا عن مخالفة قانون العقوبات.
وطالب السويفي عبر بلاغه، باتخاذ اللازم قانونََا للتحقيق في الشكوى، واتخاذ اللازم قانونََا نحو المسؤولين عن الواقعة محل البلاغ.

 

كان يحلو لشبانة تصوير نفسه  على أنه صاحب مواقف إنسانية مع بعض الزملاء، الذين يلجاؤون إليه طلبا في إعانة أو قرض باعتباره المتحكم في الموافقة على طلباتهم، أو رفضها، لكن الواقع يقول غير ذلك تمامًا، فالقروض والإعانات ليست من أمواله وجيبه الخاص، ولكنها حق مكتسب للزملاء الصحفيين، فضلا عن أن مواقفه ناتجة من استقطاب لبعضهم، وتحييد للبعض الآخر، وإرضاء للمحسوبين عليه، وعقابا بالمنع لمن يتجرأ ويخالفه الرأي، وبفضل عصاه وجزرته تحقق لشبانة ما يريد، في السطرة الكاملة على النقابة وتحويلها على النحو الذي نراه حاليا.

 

وإذا دققنا البحث في السياسة النقابية التي ينتمي إليها شبانة، سنجد أنه لا يهتم كثيرًا بالصحفيين، حتى لو زعم أنه لا يعمل إلا من أجلهم، فهم فى أحاديثه العلنية محل اهتمامه، لكن فى أحاديثه الخاصة لا يمثلون له شيئًا على الإطلاق.
التمس العذر لبعض الزملاء الذين يستطيب لهم حال النقابة، عمدا أو تجاهلا، كرها أو طوعا، فقد تحول مصالح مشتركة معه من مهاجمته لدى بعضهم، وقد تمنع محاولة استقطاب شبانة للبعض الاخر من تصديهم له، رغم أن مدرسته في العمل النقابي ترمي إلى تحقيق متعته الخاصة، ومكاسبه الشخصية، فلا يفرحه مادحا، ولا يغضبه قادحا، فمصالحه تتحقق دائما من الإعوجاج المقيم لحال النقابة.

 

إن أحدًا لا يستطيع أن ينكر على شبانة كفاءته، وقدراته الخارقة، في تحويل النقابة الى خرابة، حتى لو اختلف معه، فلم ينجح أحد من أعضاء مجالس النقابة السابقين، في اغتيال نقابة الصحفيين مبنى ومعنى، مثلما نجح سكرتيرها العام، وعضو مجلش الشيوخ المعين، الذي حاصر المبنى بالسقالات لمدة عامين دون أي مقاومة تذكر من داخل المجلس، أو خارجه من أعضاء الجمعية العمومية، اللهم إلا بعض المحاولات التي قام بها بعض الزملاء قبل انتخابات التجديد النصفي في مارس الماضي، حينما أعلن بعض الزملاء اعتصامهم داخل النقابة، مطالبين برفعها، إلا أن محاولتهم لم تحقق أهدافها المرجوة.

 

 أسكت شبانة الأصوات المعارضة له في المجلس ليصبح الحاكم بأمره في 4 عبد الخالق ثروت:

 

لم تتوقف طموحات شبانة عند حد اغتيال المبنى فقط، بل إنه عمد إلى  إسكات كل صوت معارض له داخل مجلس النقابة، في محاولة منه لتصدير صورة أنه الآمر الناهي، والحاكم بأمره في 4 عبد الخالق ثروت، لتفشل كل محاولات بعض أعضاء المجلس المناهضين لسياساته، الذين حاولوا التصدي له، عبر تقديمهم بلاغات للنائب العام ضد ما وصفوه بمخالفات مالية جسيمة قام بإرتكابها، إلا أن تلك البلاغات كان مصيرها الحفظ داخل أدراج النيابة، فضلا عن النسيان، أو التناسي داخل مبنى النقابة.

لم تعرف خطايا شبانة ضد الصحفيين سبيلا للتوقف أو التوبة، بل إنه مد خط إهانة الصحفيين على استقامته عبر برنامجه، الذي يقدمه على إحدى القنوات الفضائية مساء أمس، الثلاثاء، بعدما هدد خلاله نجيب ساويرس قائلا ” ممكن أسيب الصحفيين عليك يهاجموك”، وهو التصريح الذي اعتبره عدد كبير من الصحفيين تجازوا في حقهم، عقب تشبيه شبانة لهم بقطيع الغنم الذي يسوقهم كيفما شاء، وضد من شاء، الأمر الذي أدى إلى هجوم عدد كبير من أعضاء الجمعية العمومية ضد شبانة عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، معتبرين تصريحاته ضد ساويرس، تسترا على فساده بقوله “إحنا سكتنا على فسادك كتير وعديناه”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى