شعارهم “الاغتيال هو الحل”.. تفاصيل الخطة السرية لمحمود حسين لقتل إبراهيم منير في لندن
"حسين" كلف هاني السباعي المحكوم عليه بالإعدام في محاولة اغتيال عاطف صدقي بتصفية "منير" في بريطانيا
تحقيق: حسام السويفي
انتقل الصراع بين قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وخاصة بين جبهة محمود حسين الأمين العام للجماعة الإرهابية في إسطنبول، وإبراهيم منير القائم بأعمال المرشد في لندن إلى حد التهديد بالقتل، والتصفية الجسدية بين القيادات المتنازعة، في محاولة من الجبهتين المتصارعتين لتغليب كفتها والانتصار على الجبهة الأخرى، عبر استخدام جميع الطرق الرامية لتحقيق أهدافها، ومن بينها الضغط على الزناد، وإطلاق الرصاص في قلب الخصوم حتى لو كان منتميا لنفس الجماعة، لترفع قيادات الجماعة المتناحرة شعار الاغتيال هو الحل في مواجهة خصومها داخل الجماعة.
ولعل ما دفع محمود حسين للتفكير في التخلص من إبراهيم منير عبر التصفية الجسدية، هو فشل محاولات الوساطة التي قامت بها المخابرات التركية بالاشتراك مع مكتب يوسف القرضاوي في الدوحة، التي كانت تهدف إلى احتواء الأزمة المشتعلة بين جبهة حسين ومنير، التي اندلعت عقب قيام منير بفصل حسين وستة من قيادات الجماعة في إسطنبول، على إثر اتهامهم باختلاسهم أموال الجماعة، ورفضهم تسليم المحفظة المالية التي ورثتها قيادات مكتب إسطنبول من محمود عزت عقب إلقاء القبض عليه، إلى منير باعتباره القائم أعمال المرشد، والمتحكم في أمولها وقراراتها، ما دفع جبهة حسين إلى التفكير في اغتيال منير، ردا منهم على فضحهم بجرائمهم المالية من جهة، ولمحاولة منهم للاستحواذ والانفراد بقيادة الجماعة بمفردهم من جهة أخرى.
اعتمدت خطة حسين السرية لاغتيال إبراهيم منير على المنظمات التابعة للجماعة في لندن، التي تطورت أفكارها المتشددة على نحو جعلها موالية لتنظيم القاعدة، وداعش،منتهجة أفكارا إرهابية أكثر تشددا ودموية، ووصل عددهم حسب نتائج التحقيق الذى قامت به لجنة “سير جون جينكينز” منذ ثلاث سنوات، بشأن ملف الإخوان المسلمين داخل بريطانيا إلى 39 مؤسسة، يعملون تحت غطاء رسمي، وبعلم المخابرات البرطانية كمؤسسات ومنظمات حقوقية ومدارس، وإغاثة وخدمة مجتمع، بشكل معلن، وكمنظمات داعمة على نحو لوجيستي، ومادي لعمليات العنف، والإرهاب في مصر، ودول العالم العربي، بشكل سري.
و رغم دعم تلك المنظمات لأعمال العنف في الشرق الأوسط، إلا ان المخابرات البريطانية سمحت لهم، بالتمركز في بقعة جغرافية واحدة في منطقة أيلينج غرب لندن، حيث يوجد ثلاثة مباني إدارية هى “ويستجيت هاوس”، و”كراون هاوس”، و”بيناكل هاوس”، تضم مجتمعة المقرات الرئيسية لمؤسسات، ومراكز بحثية، ومنظمات حقوقية تنتمي إلى جماعة الإخوان الإرهابية، منها مؤسسة قرطبة للحوار العربى الأوروبي، والمبادرة البريطانية الإسلامية ،والرابطة الإسلامية في بريطانيا
ومنتدى الجمعيات الخيرية الإسلامي، والأكاديمية البحثية للتعليم الإسلامي، واتحاد المنظامت الطلابية السلامية، ومنظمة المجتمع الاسلامي في بريطانيا، ومعهد الفكر الاسلامي السياسي.
كما تضم مركز المقريزي الذي يرأسه الإرهابي هاني السباعي، الذي حصل على اللجوء السياسى إلى بريطانيا عام 1992، ويعمل حاليا تحت ستار مركز يسمى مركز المقريزى للدراسات، ويتم تمويله بشكل كامل من جمعيات قطرية وتركية، فضلا عن أنه المتحدث الرسمى باسم تنظيم القاعدة فى أوروبا ، وصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة في محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، عاطف صدقي، عام 1993، وتمكن من الهروب إلى لندن، ثم حكم عليه غيابيا بالإعدام فى قضية “العائدون من البانيا” عام 1998، وهو المركز الذي علمت ” اللواء الإسلامي” أن محمود حسين أجرى معه عدة اتصالات مكثفة خلال الأيام الماضية، حاول عبرها عقد اتفاق مع السباعي، تتضمن بنوده، إما إقناع منير بالتراجع عن موقفه، وقراره بفصله، وعدم ملاحقته ماليا، أو التخلص منه وتصفيته جسديا حال إصراره على موقفه، ولم يجد حسين اعتراضا من السباعي، الذي وعده بمحاولة الوساطة بينه وبين منير لحل الأزمة بشكل أولي، والتفكير في الحل الثاني باغتياله، حال فشله في الصلح بينمها.
خطة حسين السرية وجدت عدة موانع حالت دون تنفيذها في الوقت الراهن، فحسب مصادر “اللواء الإسلامي” في لندن، فإن منير يخضع لحراسة أمنية مشددة من قبل السطات البريطانية، مثل تلك الحراسة التي تفرضها بريطانيا على رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، خشية اغتياله، حيث إنه كان مسؤولا عن ملف وجود أسلحة دمار في العراق، وتسبب في إبادة النظام العراقي بعد تأكيده على نية العراق تصنيع أسلحة نووية، وهو الإدعاء الذي تكشف عدم صحته بعد ذلك، ولذلك فإن السلطات البريطانية تضع عددا من أفراد الحراسة الخاصة أسفل منزل بلير، وهي نفس الحراسة المخصصة بنفس أرقام طاقم الحراسة الذي تم وضعه أسفل منزل منير، وذلك بعدما أبلغ منير المخابرات البرطانية عن تهديدات وصلته من جبهة محمود حسين في إسطنبول بتصفيته جسديا، ما لم يترجع عن الصدام معهم وفضحهم بجرائمهم المالية، واختلاسهم لأموال الجماعة، ليتمتع منير بحراسة خاصة لم تضعها السلطات البريطانية إلا له ولبلير، ولم تمنحها لأي مسؤول آخر في بريطانيا، حتى لو كانوا وزراء سابقين عبر الحكومات المتعاقبة.
حاولت “اللواء الإسلامي” التوصل إلى عنوان منير في لندن، إلا أن التدابير التي اتخذها منير حالت دون معرف تفاصيل مقر إقامته، حيث يرفض منير معرفة أحد عنوانه خشية اغتياله، لدرجة أنه لا يمنح المعدين في القنوات الفضائية في لندن مقر إقامته حين استضافته في برامجهم الفضائية، ويصر على الذهاب بسيارته إلى مقر القناة، رافضا الذهاب بسيارة القناة، هروبا من التوصل إلى تفاصيل مقر إقامته.
من جانبه أكد الدكتور خالد الزعفراني المتخصص في شؤون الجماعات التكفيرية، أن اغتيال إبراهيم منير من مجموعة محمود حسين هو سيناريو متوقع حدوثه، مبررا قوله أن جبهة حسين معروف عنها المكر، والخداع، واستحلال الاغتيال، والتصفية الجسدية لمعارضيهم سواء داخل الجماعة، أو خارجها.
وفجر الزعفراني مفاجأة بقوله، إن مجموعة محمود حسين لن تستطيع اغتيال إبراهيم منير إلا عن طريق المواليين لجبهتهم في لندن، وخاصة الأعضاء المنتمين لتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش، مؤكدا ان جبهة حيين على اتصال دائم بقيادات داعش والقاعدة المقيمين في لندن، والمنتمين فكريا لأفكار القطبيين، وينتهجون نهج عبد الحميد الشاذلي الذي انتهج الفكر القطبي، وحكم عليه بالإعدام مع سيد قطب في ستينات القرن الماضي، وتم تخفيف الحكم للؤبد، ليتم الإفراج عنه بعد ذلك في سبيعينات القرن الماضي، وبعد ذلك نشر فكره التكفيري المتشدد الذي أصبح نهج الجماعات التكفيرية مثل داعش، وتنظيم القاعدة، وكان على صلة بالتنظيمات التكفيرية المنتشرة في سيناء، مثل أنصار بيت المقدس، وولاية سيناء، الذين حضروا مؤتمر نصرة سوريا في ستاد القاهرة، الذي نظمه الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي خلال توليه الرئاسة وقتها، وقام بالتنسيق مع تلك التظيمات حتى وفاته عام 2013، حيث كان الشيخ الملهم لجميع القيادات التكفيرية.
وأكد الزعفراني، أن قيادات تنظيم داعش في لندن استطاعت اختراق بريطانيا عبر العديد من المراكز البحثية، والحقوقية، والإعلامية، ولذلك لن يجدوا صعوبة في الوصول لإبراهيم منير عبر قيادات داعش في لندن، موضحا أن محمود حسين لديه شخصية متشددة وعنيدة، فضلا عن احتواء سجله الإجرامي على أفكار متطرفة ودموية تسبب في انحراف الجماعة الإسلامية في سبيعيات القرن الماضي، وانتهاجها العنف، وذلك حينما كان في بداية انضمامه لجماعة الاخوان في محافظة أسيوط، حيث استطاع إقناع قيادات الجماعة الإسلامية وشبابها وقتها أمثال كرم زهدي وناجح إبراهيم من ضرورة حمل السلاح في مواجهة النظام، لتطبيق الشريعة الإسلامية بالقوة.
وعن السند الشرعي، والفتوى الفقهية، التي ستحاول جبهة حسين الاحتكام إليها لتنفيذ مخططها في اغتيال منير، أوضح الزعفراني، ان جبهة حسين تنتتهج الفكر القطبي المتشدد الذي يستحل كل شئ للحفاظ على مكاسبهم الشخصية، ومكاسب الجماعة، ولذك فإن تمسكهم بمناصبهم، وبأموال الجماعة، سيجعلهم يتبعون المبدأ الميكيافييلي، وهو الغاية تبرر الوسيلة في تنفيذ مخططها الرامي إلى اغتيال منير.
ثقافة الاغتيال والعمل المسلح ليست بدعة جديدة على جماعة الإخوان، لكنها عرف راسخ ومتبع مع كل من يختلف أو يعارض توجهاتهم، هكذا يرى عمرو فاروق الباحث المتخصص في شؤون الجماعات التكفيرية السجل الإجرامي لجماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدا أنه ليس مستبعدًا كتابة فصول النهاية لسيناريوهات الأزمات المشتعلة حاليًا بتخطيطهم لاغتيال إبراهيم منير، مثلما فعلوا من قبل مع حسن البنا وسيد فايز، وعبد الرحمن السندي، ومحاولاتهم المتكررة مع الشيخ محمد الغزالي..
وأوضح فاروق، أن الفيش الجنائي للجماعة يحمل العديد من الاغتيالالت، والانقلابات من أعضائها تجاه قيادتها، مؤكدا أنه من ضمن التفاصيل الداخلية التي تشبه الأسرار التنظيمية، داخل جماعة الإخوان، ما فعله وخطط له مرشد الإخوان السابع، محمد مهدي عاكف، الذي وافته المنية عن عمر يناهر الـ90 عاما، حينما قام في شبابه بمحاولة انقلاب ضد المرشد الثاني للجماعة، حسن الهضيبي، في الخمسينات من القرن الماضي وتحديدا عام 1954.
وتابع: وكان الإنقلاب الذي خطط له مهدي عاكف داخل الجماعة بمثابة أول حركة تغيير للجناح الثوري داخل جماعة الإخوان، حيث كون مجموعة من (30) إخواني، وطالبوا المرشد الثاني، حسن الهضيبي، بالاستقالة عقب إصداره قراراً بفصل (5) من قيادات التنظيم الخاص من مناصبهم.
وأردف: قام حسن الهضيبي، بعزل عبد الرحمن السندي من منصبه، وتعيين سيد فايز مسؤولا عن “النظام الخاص”، في محاولة للسيطرة على الكيان المسلح، ما دفع قيادات “النظام الخاص”، للاجتماع بالقاهرة، وتقديم إستقالة جماعية، وفي اليوم الثاني لهذه الاجتماع تم اغتيال سيد فايز، داخل منزله .
وأشار فاروق إلى أن الهضيبي كان قد اتخذ قرارا وقتها بفصل (5) من قيادات “النظام الخاص” نهائيا من الجماعة، باعتبارهم خططوا لقتل سيد فايز، وفي مقدمتهم عبد الرحمن السندي، الأمر الذي تسبب في حدوث انشقاق داخل التنظيم، وتكوين جبهات مضادة للهضيبي، وتم تشكيل جبهة عريضة تزعمها مهدي عاكف، قامت بمحاصرة منزل المرشد، وطالبته بتقديم الاستقالة، والنزول على رأي قيادات التنظيم.
وأكد فاروق، أن المجموعة التي تزعمها مهدي عاكف، وطالبت حسن الهضيبي بالاستقالة، مدعومة من كبار قيادات الجماعة وقتها، أمثال صالح عشماوي وكيل الجماعة في عهد البنا، وعبد الرحمن السندي، مسؤول النظام الخاص، والشيخ محمد الغزالي، والدكتور سليمان محمود، وأنس الحجاج، وسيد عيد، واتخذت تلك المجموعة عدة قرارت : أهمها تشكيل هيئة تأسيسية بديلة لمكتب الإرشاد، والسيطرة على المركز العام للجماعة، ومنح المرشد إجازة لحين تقديم استقالته،في ظل إصراره على عدم تقديم اسقالته.
.