عاجل

حسام السويفي يكتب: “القيد”.. لجنة من لا يملك لبعض من لا يستحق

لم يكن ما فعله خالد ميري  في لجنة القيد الأخيرة التي يرأسها غريبا عليه، ولا مستهجنا منه، فرغم أنه شخص كتوم يستطيب الصمت، ولا يجيد التعبير كتابة أو حديثا، إلا أن نظراته تفضح ما يخفيه، فهو ليس إلا شخصا يجيد استخدام أدواته فى فرض وجهة نظره، التى يعتبرها لفرط غروره وغطرسته أنها لا تقبل اعتراضا ولا جدلا.

لا يمكن أن نتعامل مع نتائج لجنة القيد الأخيرة إلا باعتبارها جريمة نقابية ترقى إلى وعد بلفور المشؤوم، حيث منحت اللجنة التي لا تملك، عضوية النقابة لبعض من لا يستحق، بينما حرمت من يستحق، وأعطت لنفسها دور الحاكم بأمره، وسيد قراره، فسمحت بقبول بعض السكرتارية، والأبلودر، وعمال الأمن، ونواب مبعوثين بحصانة برلمانية، بينما حجبت العضوية عن الموهوبين، والمهنيين الذين أخذت منهم صاحبة الجلالة أكثر مما أعطتهم لعدة سنوات، ولحفظ ماء الوجه، قبلت آخرين ممن يستحقون القيد في جدول تحت التمرين.

الكتابة عن نتائج لجنة القيد الحالية لا يستطيع وصفها والتعبير عنها “قلم” واحد، ولكنها تحتاج إلى “قلمين”، لعل ذلك يساهم في إنصاف مظلوم، أو محاكمة الظالم.

كثيراً ما تحدث ميري، ورفاقه في لجنة القيد عن المهنية والحيادية، إلا أنه على ما يبدو لا يتحدث كل منا إلا عما يفتقده، وما يشعر أنها نقائص يحاول استعاضتها بتكرار الحديث عنها، فكواليس وأسرار نتائج القيد تكشف عن عدم اتباعهم الحد الأدنى من المهنية، وبعدهم آلاف الأميال عن الحيادية.

تطلع ميري ورفاقه إلى الوصول لرئاسة لجنة القيد في تشكيل مجلس النقابة الأخير، وبعد ذلك استبدوا بها، فأخذتهم العزة بالإثم، وقرروا قبول من انتفضت الجمعية العمومية لرفضهم، فلم يقرأ ميري دلالات الغضب المتصاعد من الجمعية العمومية، وهو ما أبداه في نتائج القيد، ولم يلتفت إلى أن هناك خطرًا حقيقيًا يواجه النقابة، ويواجهه هو، ويخصم من رصيده، ويهددد شرعيته النقابية التي أضحت على قارغة الطريق.

لم تشهد لجان القيد بنقابة الصحفيين انتقادا لنتائجها، وهجوما على أعضائها، مثل التي شهدته اللجنة الأخيرة، التي أصمت أذنيها عن الحق، فأسمعها الصحفيون صوت زئيره، فالمتابع لتاريخ العمل النقابي سيجد أنه لا توجد ثمة مقارنة بين لجنة القيد الحالية، واللجان السابقة، حتى وإن شابها بعض المخالفات، فالمقارنة ظالمة للجان السابقة، ومهينة للحالية، فلم تحتكم اللجنة الحالية على أي معايير في قبول المتقدمين إليها، وتأجيلهم، أو رفضهم، ولكنها امتثلت للهوى، والمزاج الشخصي، وربما السياسي أحيانا، فمارست السادية النقابية، وتلذذت بقهر المهنيين على حساب بعض السكرتارية، والأبلودر، ونواب البرلمان.

حاول بعض الصحفيين نزع فتيل الأزمة، فأصدوا بيانا حمل توقيع نحو 500 صحفي، مطالبين بعدول اللجنة عن بعض قراراتها، وإعلان أساب رفضها، وتأجيلها لعدد من المهنيين المتقدمين إليها، لكن لم ينصت لهم أحد، اعتقادًا من ميري ورفاقه أنهم قادرون على عبور أزماتهم وهم سالمون، وربما ظنا منهم أنهم نجحوا في تنفيذ الأوامر والتعليمات الصادرة إليهم من جهات خفية تدير النقابة، فأغلب الظن أن ميري مأمورأ وليس آمرا، ويعتمد فى عمله النقابي على توجيهات، وأوامر، واتصالات تليفونية، وهو الأمر الذى يحلو له التفاخر به أحيانا.

حالة الإنكار التي تنتهجها  اللجنة، وعدم اعترافها بجرائمها النقابية في نتائج القيد الأخيرة، دفعت البعض إلى المطالبة بسحب الثقة من ميري وعضوي الجنة، وارتفع سقف المطالب ليشمل سحب الثقة من المجلس كله على وقع فضائح نتائج القيد، إلا أن ميري حاول امتصاص غضب الجمعية العمومية بإعلانه تحديد موعد انعقاد لجنة للمؤجلين فبراير المقبل، إلا أنه على ما يبدو لم يكن ما أعلنه ميري كافيا لإخماد نيران أشعلها هو بنفسه دون أن يدري كيف ينهيها.

 

نتائج لجنة القيد الأخيرة، حملت صكا خصم من رصيد حياد أعضاء اللجنة برئاسة ميري، وعضوية كلا من حسين الزناتي، ومحمد يحيى يوسف، عقب المجازر التي ارتكبوها في حق عدد من المهنيين، لتولي النقابة -على وقع تلك النتائج- وجهها شطر حافة الهاوية، ويكفي ما شملته النتيجة من فضيحة قبول محمود بدر عضو مجلس النواب عن جريدة اليوم السابع، وهو الذي لم يمارس العمل الصحفي منذ نحو سبع سنوات، بعدما انقطع عنه لصالح طموحه السياسي والشخصي في إنشاء مصنع للسبكوت، والحصول على عضوية البرلمان، ظنا منه أن ذلك ثمن مستحق له لدوره في حركة تمرد.

قبلت لجة ميري محمود بدر، ولم تلتفت لعديد الطعون المقدمة ضده، على إثر سبه للجمعية العمومية الرافضة قيده، بقوله عبر تدوينة نشرها على صفحته الشخصية بتويتر موجها حديثه للجمعية العمومية قائلا “شكرا لبجاحتكم”، وقبلت أيضا مارسيل صبحي عضو النواب عن جريدة الأهالي، رغم تقديم مئات الطعون ضدها لرفض قيدها، لعدم ممارستها العمل الصحفي، فضلا عن فبول اللجنة لعدد من الأبلودر، ورفضت، وأجلت زملاء مهنيين يستحقون القيد بالنقابة.

وكانت سوشيال برس قد أعدت دراسة، في محاولة منها لفك الطلاسم والألغاز المحيطة بمعايير اللجنة في قبولها، وتأجيل ورفض المتقدمين إليها، وكشفت عبرها أن عدد المتقدمين للجنة القيد وصل إلى 543 متقدم، بينما وصل عدد المقيبولين 283 صحفيا، في حين كان عدد المؤجلين 243، في وقت وصل فيه عدد المرفوضين إلى 17 متقدما.

رفض أعضاء لجنة القيد باستبداد يعرفه الآخرون عنهم، مراجعة أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، النتائج، خلال الاجتماع الأخير للمجلس الأسبوع الماضي، وتمسكت اللجنة بلائحة القيد، التي تجيز اعتماد النتيجة دون مراجعة المجلس، مخالفين بذلك عن عمد، أو ربما جهل لائحتها، وخاصة المادة 31 منها التي تنص على أنه ” تعتبر القرارات الصادرة عن مجلس النقابة والمتعلقة بأي من أمور القيد جزءًا مكملًا لهذه اللائحة أو مفسرة لبعض موادها”، ومع ذلك مد ميري خط مخالفة اللائحة على استقامته، متحديا الجمعية العمومية ومطالبها، ورافضا الانصياع لأي أوامر غير تلك الصادرة له ممن ساعده في الوصول إلى منصبه.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى