عاجلفى الميدان

استعصى عليه شراء قصر شاملبيون الذي يملكه رشاد عثمان.. هل اشترى سميح ساويرس 800 عقارا بوسط البلد لصالح اليهود؟


كتب: حسام السويفي

في شتاء عام 2008، كنت مثل عدد كبير من الزملاء الصحفيين المغتربين، ممن يفضلون إخماد نار جوعي الذي يباغت معدتي بعد يوم عمل شاق في الجريدة، عبر طبق من الفول والزيت الحار، وأطباق السلطات الخضراء، وهي الوجبة التي يقدمها لزبائنه سعد الحرامي، الذي اشتهر بهذا اللقب، بين أوساط الصحفيين، والمثقفين.
كان محل سعد الحرامي يتوسط حارة جانبية متفرعة من شارع محمود بسيوني، أمام كافتريا “أفتر إيت”، بوسط القاهرة، فوجبته كانت تنجح دائما في قتل الجوع حتى اليوم التالي، فضلا عن أن وجبته كانت المفضلة للجميع توفيرا للنفقات، ولعدم قدرتي على إعداد الطعام في منزلي، التي يصرخ كل ركن به معلنا عن عزوبية صاحبه.
 وبينما كنت ألتهم وجبة الفول لتقتل صقيعا كانت معلنة عن برودة مساء ذلك، نادى سعد بصوته الأجش، الذي لا يعبر مطلقا عن جسده النحيف موجها حديثه لي: “معاية موضوع صحفي مهم، لو تقدر تنشره”.. أنهيت تناول وجبته، وأنصت لما يريد قوله، فقال إن سميح ساويرس يشتري عقارات وسط البلد لصالح شركة الإسماعلية، ومنهم العقار الذي يوجد أسفله المحل الخاص به، مؤكدا أن  المساهمين مع ساويرس أجانب، وطلب مني التحقق من المعلومات، والبحث عن مصادر الشركة، لنشره بهدف حمايته من طرده من محل أكل عيشه على حد قوله.
لم أتعامل مع المعلومات التي أكدها “سعد الحرامي” باعتبارها حقيقة، فقررت البحث عن صحتها، عبر الذهاب لمقهى “التكعيبة”، التي تبعد خطوات عن محل الحرامي، التي كانت قبلة الصحفيين، والمثقفين، التي يولون وجوههم شطرها، وهي المقهى التي تتوسط شارع جانبي متفرع من شارع شاملبيون، الذي يبعد خطوات عن من مقر نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت،والمطلة على جانب من قصر شاملبيون الذي اشتراه رشاد عثمان رجل الأعمال، الذي كان شريكا لعصمت السادات شقيق الرئيس الراحل أنور السادات في مشاريعه، وهو نفسه الذي قال له السادات “إسكندرية أمانة في إيدك يا رشاد”.
جلست على المقهى، واستدعيت صاحبها الذي كانت تربطني علاقة صداقه معه، وهو الراحل أحمد ليبتون رحمه الله، الذي ورث المقهى عن والده، وهو الوحيد الذي أغلق المقهى في وسط البلد، لمدة ثلاثة أيام حدادا على اغتيال الشهيد الحسيني أبو ضيف رحمه الله في 12 ديسمبر 2012، فلم يفعلها أحد غيره من مقاهي وسط البلد.
سألت “ليبتون” عن صحة معلومات سعد، فأكد أنه تعرض للتهديد ما لم يقم ببيع المقهى لشركة الإسماعلية التي يملكها سميح ساويرس، وأنه تم تهديد بالقتل، أو الحبس ما لم يرضخ لمطالب ساويرس، موضحا أنه علم أن ساويرس اشترى نحو 800 عقارا من أصل 400 عقارا، يستهدف الاستحواذ عليهم لصالح الطائفة اليهودية، وكانت معلومات ليبتون التي يمتلكها عن سميح ساويرس، ورفضه باستماتة التنازل وبيع المقهى سببا في حبسه في عهد مبارك بوشاية من ساويرس، لإجباره على البيع، وسببا في إصابته بالعديد من الأمراض بعد خروجه من محبسه التي كانت سببا في وفاته عن عمر ناهز 44 عاما.
كان الخيط، الذي منحني إياه سعد الحرامي، وأحمد ليبتون، مقدمة للوصول إلى الحقيقة التي نشرتها عبر تحقيقات صحفية، في جريدتي صوت الأمة والفجر، بعدما حصلت على مستندات تدعم صحة شراء ساويرس عقارات وسط البلد لصالح اليهود، فالمستندات التي فندتها، وحصلت عليها عبر محامي أحدهما، كشفت معلومات عن أصل شركة الإسماعلية، وأهدافها في شراء عقارات وسط البلد، فضلا عن كشف المؤسسين الأجانب للشركة بخلاف سميح ساويرس، حيث أسس الشركة مؤسسين أجانب لم تفصح عن جنسياتهم، ومصرين ساهموا ب30 قرشا فقط كسد خانة لتأسيس الشركة.
امتلك بعض عقارات وسط البلد اليهود حتى عام 1956، وبعدما طرهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من مصر، أصبحت تلك العقارات ملك لشركة التأمين الأهلية، بينما اشترى عدد من المصريين البعض الآخر، إلا أن مجموعة من اليهود رفعوا عدة دعاوى قضائية خارج مصر،طالبوا عبرها باسترداد ما زعموا أنها أملاكهم مرة أخرى، فالعقارات عبارة عن تحفة معمارية وهندسية يتصارع عليها الجميع،  وهي العقارات التي شارك في تصميمها هاوزن المهندس الفنان الذي خطط العاصمة الفرنسية باريس، واستعان به الخديو إسماعيل لتشييد القاهرة الإسماعيلية.

هل تستهدف شركة الإسماعلية شراء 4000 آلاف عقار لصالح اليهود؟

 

بحسب المستندات التي حصلت عليها، ومعلومات أخرى مطابقة لتلك المستندات، التي نشرها الكاتب الصحفي عادل حمودة عبر مقال له عام 2010، فإن شركة الإسماعيلية للتنمية العقارية اشترت حتى الآن نحو 800 عقارا بوسط البلد من 400 آلاف عقارا تستهدفهم الشركة.

 
وبالرجوع للمستندات، سنجد أن شركة الإسماعيلية، هي غطاء لشركة أجنبية، وهي شركة “ساماي هيلز ليمتد”، التي تم إشهارها في جزيرة فيرجن إيلاند، إحدي الجزر البريطانية.

وحسب ما نشره عادل حموده في مقاله، فإن المالك الرئيسي للشركة هي الشركة الإنجليزية ساماي هيلز ويمثلها محمد عبد المنعم محمد عمران، بجانب العضو المنتدب كريم محمد محيي الدين فريد شافعي، والمدير المالي للشركة أحمد عبد المنعم مدبولي، وأخرين في عضوية مجلس إدارة الشركة، التي تم تأسيسها في فبراير 2008، بعنوان وهمي في 7 شارع لاظوغلي بقصر النيل،كما كشف الخطاب اسماء المساهمين في شركة ساماي هيلز، وهم:

1- سميح ساويرس

2- أحمد البساطي

3- شهيرة محمود إبراهيم

4- شركة بلتون للاستثمارات، وهي شركة تدير المحافظ المالية لشركات عائلة ساويرس ويمثلها علاء السبع.

 أما السجل التجاري رقم 30155 لشركة الإسماعيلية، فأكدت بياناته، أن رأس المال المصدر للشركة وصل إلى نحو 500 ألف جنيه، موزع علي 500 ألف سهم، كل سهم قيمته جنيه واحد.
وكانت أسماء المؤسسين:

1-  أحمد أبو بكر عبد الفتاح مصطفي (مصري) بسهم واحد قيمته جنيه.

2- أحمد عبد الرحيم سعد المغلاوي (مصري) بسهم واحد قيمته جنيه.

3- حسن عبد الباسط حسن مكاوي (مصري) بسهم واحد قيمته جنيه.

4- شركة ساماي هيلز (جزر العذراء بريطانيا) بباقي الأسهم وقيمتها 499997 جنيها.

وأكد محامي ليبتون، أن المساهمين الثلاثة هم سد خانة في قانون الشركات المساهمة المصرية، التي يجب أن لا يقل عدد مؤسسيها عن خمسة أشخاص.

وأوضح، أنه أكتشف ثلاثة أعضاء وهميين يمثلون ساماي هيلز لم يتم ذكر أسمائهم في بيانات الشركة، ومع ذلك وافقت هيئة الاستثمار في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك على منح ترخيص للشركة.

فيش الجرائم الاقتصادية لعائلة ساويرس، كشف عن نيتهم في الاتجار بكل شئ مقابل تحقيق ثرواتهم، فقد سبق أن اشترت مصانع أسمنت من القطاع العام، ثم باعته للرأسمالية الفرنسية، وحققت على إثر ذلك مليارات الدولارات، وهو ما فعلته في شركة الاتصالات موبينيل، التي استطاع نجيب ساويرس الحصول على الشركة عام 1998، في صفقة مع حكومة كمال الجنزوري وقتها، بعدما أدعى تهديده بالقتل من قبل الجماعة الإسلامية، في بيان مفبرك منسوب للجماعة وقتها.

 كان سميح ساويرس يتصرف كما يشاء مع ملاك عقارات وسط البلد الذي أشهر في وجوهم العصا تارة، والجزرة تارة أخرى بهدف تحقيق هدفه في شراء وسط البلد لصالح جهات بعينها، وساعده في ذلك أنه كان مقربا من وزراء مبارك وقتها، فقد كان شريكا لوزير السياحة الأسبق زهير جرانة، وكان أيضا الصديق الشخصي لوزير إسكان مبارك  “أحمد المغربي”.

نجح ساويرس بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى في إخضاع بعض ملاك عقارت وسط البلد لشرائها، إلا أن العقار الوحيد الذي استعصى عليه ولم يستطع إجبار صاحبه على بيعه، هو قصر شاملبيون الذي يملكه رشاد عثمان، الذي آثر ترك القصر مهجورا منذ صدور حكم لصالحه بملكيته للعقار عام 2009، بعد أن استولى عليه قيادات الحزب الوطني المنحل، وحولوه مخزنا للحزب قبل صدور الحكم.

عقارات وسط البلد التي يتم تطويرها في عهد الحكومة الحالية، أصبح ملاكها أكثر أمانا من ذي قبل في عهد مبارك، حينما كان يتم إجبارهم على بيع عقاراتهم لصالح شركة الإسماعيلية، ويتم هدم القصور لبناء مصالح حكومية، مثلما تم هدم فيللا هدي شعراوي في وسط البلد، ليتم بناء مجمع سكني وإداري على أرضها عبر فساد محليات مبارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى