
إن الوعد بمستقبل أفضل من خلال أدب الأطفال يُساعد على خلق جيل قادر على صُنع هذا المستقبل ففي إحدى أشهر رؤى المستقبل في السنوات الأولى من القرن العشرين بأدب الأطفال « قصة التميمة » هي قصة خيالية ومغامرات للأطفال من تأليف الكاتبة الإنجليزية إديث نسبيت Edith Nesbit ، نُشرت لأول مرة في عام 1906، تعد هذه الرواية الجزء الثالث والأخير من سلسلة “بساميد” Psammead السحرية
وتبدأ القصة بعثور أربعة أطفال أشقاء (سيرييل، أنثيا، روبرت ، جين) على تميمة مصرية قديمة وقوية داخل متجر حيوانات أليفة وذلك عن طريق جنية الرمال”بساميد” كائن سحري يمكنه تحقيق الأمنيات ، ويكتشفون لاحقًا أن التميمة مكسورة إلى نصفين.، وأن القوة السحرية للتميمة تكمن في قدرتها على تحقيق الأمنيات، وخاصة الانتقال عبر الزمن وإلى أماكن مختلفة، ويستخدم الأطفال هذه القوة للبحث عن النصف المفقود من التميمة، مما يأخذهم في رحلات عبر فترات تاريخية ومواقع جغرافية متنوعة، منها مصر الفرعونية حيث يلتقون بكهنة وملوك قدماء وبابل القديمة حيث يكتشفون المدينة العظيمة وقارة أطلانتس المفقودة ومناطق أخرى وحتى المستقبل البعيد.
وخلال رحلاتهم، يواجه الأطفال العديد من التحديات والمواقف الطريفة والخطيرة أحياناً بسبب طبيعة الأمنيات وقوى التميمة، تتناول القصة العديد من القضايا مثل الاختلافات الثقافية والحضارية عبر الزمن والعواقب غير المتوقعة للسحر، و الحكمة في استخدام القوة ويتمكن الأطفال من إيجاد النصف المفقود من التميمة
ولكن في المغامرة الأخيرة يذهبون إلى المستقبل حيث يجدون كل شيء أفضل إلى حدٍّ كبير، ففي المستقبل الهواء نظيف وليس هناك فقر أو جوع وتم علاج الكثير من الأمراض وأصبح الأطفال يحبون المدرسة (حيث أصبحت المناهج منطقية ومناسبة)، وأصبح هناك مساواة بين الجنسين، وصارت الأزياء صحية ومريحة، وأصبحت وسائل النقل نظيفة وسهلة، وفوق كل هذا لا يساور الناس أي مخاوف أو قلق، ويستمتعون بالعمل الذي يعود بالفائدة على الجميع، وبعد جولتهم المستقبلية تتحدث الطفلة الصُغرى جين قائلةً: «أتمنى لو أننا نعيش في المستقبل!»
ويبقى السؤال مطروحا هل لو كانت جين تعيش بالقرن الحادى والعشرين لتمنت العيش بالمستقبل ؟ ام رأت ان هذا المستقبل محفوف بالمخاطر؟ من تغير المناخ الخطر الأول الصداع المزمن للخبراء والبشر ، وعدم الاستقرار الجيوسياسي حيث تتصاعد المخاوف بسبب الحروب والصراعات المستمرة، مما أدى إلى زيادة التوترات الجيوسياسية وتزايد خطر الصراع العالمي ، وتهديدات الأمن السيبراني والذى لا يزال يُشكل تهديدًا كبيرًا، حيث يتوقع الخبراء تزايد المخاطر بسبب القدرات المتزايدة للذكاء الاصطناعي والاعتماد المتزايد على البنية التحتية الرقمية و مخاطر الذكاء الاصطناعي والتي أصبحت أكثر وضوحًا للخبراء، وخاصة على المدى الطويل ، وعدم الاستقرار الاقتصادي ، وغالبًا ما تُعتبر هذه المخاطر متشابكة مع عدم الاستقرار الجيوسياسي بالإضافة إلى انتشار الأوبئة، وندرة الموارد الطبيعية مما ترتب عليه انهيار النظم البيئية كبيرة والانقسامات المجتمعية والسياسية، إلى جانب التوترات والحركات الاجتماعية
أ. د. ريهام رفعت
عميد كلية الدراسات والبحوث البيئية جامعة عين شمس






