نجا من محاولة اغتيال فجر اليوم.. “مصطفي الكاظمي” الصحفي الذي أصبح رجل المخابرات وأمريكا في بغداد
نجا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال فجر اليوم، الأحد.
وجاء ذلك في أعقاب تقارير تحدثت عن ضربة صاروخية من طائرة مسيرة على منزله في المنطقة الخضراء ذات التحصينات الكبيرة، في العاصمة العراقية بغداد في الساعات الأولى من فجر الأحد السابع من نوفمبر من عام 2021.
فمن هو مصطفى الكاظمي؟
من الصحافة إلى الاستخبارات
ولد الكاظمي في بغداد عام 1967، ودرس القانون في العراق، قبل أن يعمل بالصحافة.
وعُرف الكاظمي بمناهضته لحكم الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، من المنفى في إيران والسويد وبريطانيا.
واشتهر كاتباً لمقالات الرأي، ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع “مونيتور” الأمريكي.
وأدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة “الحوار الإنساني”. وعاش سنوات في المنفى لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.
وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عاد الكاظمي إلى بلاده، وشارك في تأسيس شبكة الإعلام العراقي، تزامناً مع عمله كمدير تنفيذي لـ”مؤسسة الذاكرة العراقية”، وهي منظمة تأسست لغرض توثيق جرائم النظام السابق.
وتسلم الكاظمي رئاسة جهاز المخابرات الوطني العراقي، في يونيو 2016، في ظل احتداد المعارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وقد نسج، خلال توليه هذا المنصب، الذي أبعده عن الأضواء، روابط عدة مع عشرات الدول والأجهزة التي تعمل ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وتواجه حكومة الكاظمي تحديات وظروف اقتصادية صعبة يعيشها العراق في ظل انخفاض أسعار النفط وشبح تجدد الاحتجاجات المناهضة للحكومة المطالبة باستبدال النخب والأحزاب السياسية الحاكمة.
وجاء منهاج الحكومة الذي تقدم به الكاظمي إلى البرلمان مكثفا في 6 صفحات، وضع فيه إجراء انتخابات مبكرة كأول مهام وزارته مشترطا التطبيق الكامل لقانون الأحزاب قبلها.
وجعل وضع أسس “نظام صحي حديث” لمواجهة مخاطر تفشي وباء كورونا في المرتبة الثانية.
وبالنسبة لحصر السلاح بيد الدولة، الذي يطالب به الكثيرون في ظل تصاعد نفوذ الميلشيات المسلحة في الحياة السياسية العراقية، فقد جاء في المرتبة الثالثة من سلسلة مهام الحكومة الجديدة.
وشدد الكاظمي على ضرورة تشريع قانون موازنة مالية عامة وصفه بـ “الاستثنائي”، لمواجهة “الأزمة الاقتصادية الحالية وتداعيات انهيار أسعار النفط”.
وفي ظل الانهيار الحالي في أسعار النفط يواجه الاقتصاد العراقي، الذي يعتمد بنسبة نحو 90 في المئة على واردات النفط، مخاطر كبرى.
كما تعهد الكاظمي بمكافحة الفساد، الأمر الذي يمثل أحد المطالب الأساسية للمتظاهرين في العراق، لكنه لم يوضح الآليات التي سيتبعها في ذلك، واكتفى بتعهد عام بتعزيز مؤسسات الدولة من أجل القضاء على الفساد وضمان استعادة الأموال المهربة إلى الخارج.
“رجل الولايات المتحدة”
وكان وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، مايك بومبيو، أول المهنئين بإقرار الحكومة الجديدة في اتصال هاتفي مع الكاظمي.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان عن هذا الاتصال: “دعما للحكومة الجديدة، ستمضي الولايات المتحدة قدما في منح استثناء لمدة 120 يوما لاستيراد الطاقة الكهربائية من إيران، كعرض لرغبتنا في المساعدة على توفير الظروف المناسبة للنجاح”.
بعد ساعاتٍ من تسمية الكاظمي، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، للصحافيين إن الكاظمي “أثبت في وظائفه السابقة أنّه وطني وشخص كفؤ”، معرباً عن أمله في أن يتمكن سريعاً من تشكيل حكومة “قوية ومستقلّة”.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر سياسي رفيع القول إن تسمية الكاظمي “تأتي مكسباً للعراق، خصوصاً في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة، ولضمان تجديد استثناء بغداد من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران”.
وقال سياسي مقرب من الكاظمي لوكالة “فرانس برس” إن للكاظمي شخصيةً لا تعادي أحداً، وهو صاحب عقلية براغماتية، ولديه علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين على الساحة العراقية: علاقة جيدة مع الأمريكيين، وأخرى عادت إلى مجاريها مؤخراً مع الإيرانيين.
وخلال زيارة نادرة إلى الرياض رفقة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، عام 2017، شوهد الكاظمي وهو يعانق مطولاً ، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. وهو ما يُستدل به على قدرة الكاظمي على التفاوض والوساطة.
الكاظمي وإيران
لا يعتبر الكاظمي شخصية جديدة على طاولة السياسة العراقية؛ فقد كان اسمه مطروحاً منذ استقالة حكومة عادل عبد المهدي، وحتى قبل ذلك كبديل للعبادي، عام 2018.
لكن عوامل عدة حالت حينها دون نيله التوافق، لاسيما وأن بعض الأطراف الشيعية تصفه بأنه “رجل الولايات المتحدة” في العراق.
وكان فصيل عراقي مسلح مقرب من إيران قد وجه اتهامات للكاظمي بتورطه في عملية اغتيال الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، التي نفذتها واشنطن في بغداد.