google.com, pub-6069403238080384, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخبار

مفتي الجمهورية محذرا من الإلحاد: الأسباب تتجاوز أحيانا المنطق والعقل والعلم

أكد الدكتور نذير عياد مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لمجالس الإفتاء وهيئات الإفتاء في العالم: “من أولى القضايا التي نحتاج إلى مناقشتها في ملتقى “الرؤية الإسلامية في القضايا الإنسانية” هو “ رؤية إسلامية في القضايا الإنسانية”. وذلك خلال أسبوع الدعوة الإسلامية الذي تقيمه الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية بالجامع الأزهر. ومن أول هذه القضايا قضية الإلحاد، والإلحاد في أبسط معانيه ينظر إليه على أنه ميل وتحول من الحق إلى الخطأ، وهذا الأمر متساو سواء وصف بالأمر الصغير أو وصف بالأمر الكبير. .

وأضاف سماحته خلال كلمته في الندوة مساء اليوم الأحد بالجامع الأزهر الشريف، أن قضية الإلحاد من القضايا المهمة التي تتطلب القلق والاضطراب، وتتطلب صراعًا نفسيًا، وتتطلب الجرأة على الذات الإلهية، والاستهانة أهمية المقدسة. يتطلب وضع الأشياء في المكان الخطأ. وحقيقة هذه القضية عندما نتوقف عندها لا تستغرب، فهي قضية قديمة وحديثة، ولا نعتقد أن أي عصر يخلو من وجود شبهة أو طائفة تجعل من الإلحاد بوابة إلى إذ ترى أنه من خلالها ومن خلالها يستطيع أن يتبوأ مكانة رفيعة ويحقق لنفسه مكاسب دنيوية أو منافع شخصية، ويكون له خليط في واقع الناس. ثم تأتي مثل هذه اللقاءات، ونحاول البحث عن بعض أسبابها، ولن أقول كل الأسباب، على اعتبار أن الزمن محدود والوقت محدود.

وتطرق مفتي الجمهورية في كلمته إلى بعض الأمور التي قد تدفع الإنسان إلى الوقوع في الإلحاد أو في دائرة الملحدين، خاصة أن هذه الأسباب تتجاوز أحيانا المنطق والعقل والنقل وحتى العلم. ولعل أول هذه الأسباب يجعل الإنسان يقع في دائرة الإلحاد. وهو تدخل العقل في غير مجاله. خلق منا الإنسان وأرسل الرسل وأنزل الكتب. ثم أعطى الإنسان قانوناً يستطيع من خلاله التمييز بين الحق والباطل، بين الحق والباطل، بين الخير والشر. إنه قانون العقل والفكر. ويعاونه على ذلك بالآيات والرسائل المنزلة. إلهي.

وتابع: الإنسان منا يستطيع أن يصل بعقله إلى ما يريد من إرسال الأنبياء وإرسال الرسل، لكن المشكلة أنهم يعتقدون أن العقل يستطيع أن يصل الإنسان إلى أشياء لا يمكن حصرها، وقد يكون هذا الاقتراح مقبولا، لكنه في دائرة. الأمور المعقولة أو ضمن نطاق العلوم الدنيوية، وهذه نقطة يجب أن نعتمد عليها، خاصة وأن العالم يتنوع إلى نوعين: ملموس وغير ملموس. والأعجب من ذلك أن العلم والعقل نفسه قد يقودان الإنسان إلى استنتاج أن ما لا يقع تحت الحواس أو ما لا يرى بالعين ليس دليلاً على عدم حدوثه أو عدم إمكانه، كدليل أن هناك أشياء كثيرة في عالم الناس يعترف الإنسان بها ويعترف بوجودها دون أن يستحيل عليه أن يدرك حقيقتها أو يدرك جوهرها. والدليل على ذلك هو الروح في جسم الإنسان، التي تعتبر أداة الحركة، وباب التمييز، وطريق تحقيق مبدأ الخلافة الذي فرضه الله تعالى على الإنسان. ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {ويسألونك عن الروح. “قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”.

وأوضح سماحته أن الله تعالى عبر عن ذلك: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} إشارة إلى محدودية علم الإنسان، وإنهاء الأمور، وقطع كبرياء هذا الإنسان. إن الله خلق الخلق وهو أعلم بهم. ويعلم أن الإنسان إذا أقام عصاه وأقام ظهره حتى يبدأ بمحاربة الله تعالى بالمعصية، معلناً من نفسه القدرة على الخلق والخلق.

وأوضح مفتي الجمهورية أن هذه الآية تأتي لتؤكد للإنسان أنه مهما كان علمه ومهما كان تعليمه فهو محدود في دائرة المعرفة الإلهية، بل ومحدودة جداً، بدليل أنه اصطنع الهواء والماء، ومع ذلك فهو غير قادر على علاج هذه الحقيقة التي هي سر الوجود وأداة البقاء. ولهذا فإن من رحمة الله تعالى بالعباد ونعمه عليهم أنه كما قيل إن لله رسولين في خلقه: رسول من الخارج، ورسول من الداخل. أما الرسول الباطن فهو العقل، وأما الرسول الخارجي فهو الوحي. لكن سلامة الرسول الخارجي تعتمد على سلامة الرسول الداخلي. ولهذا قيل: عرف الناس ربهم بالكلمات والعقول.

وختم سماحته في كلمته أنه يمكن القول إن من أهم الأسباب التي يمكن أن تؤدي بالإنسان إلى الوقوع في دائرة الإلحاد هو عدم الفصل بين ما هو مسموح وما لا يجوز، بين ما يدخل في دائرة الإلحاد. نطاق البحث وما لا يدخل في نطاق البحث. لأن هناك بديهيات أدعي أنها حقائق بدائية، أي أنها واضحة ولا تتطلب سوى التسليم والرضا، مثل الإيمان بالله، والملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقضاء والقدر. أما إشراك العقل في مثل هذه المواضيع فهو إما أن يقع في المبالغة أو في التهاون.

وأشار سماحته إلى أن أول قضية تؤدي بالإنسان بيننا إلى الوقوع في الإلحاد هي انخراط العقل في مسائل ليست من اختصاصاته، وقد أطلق الله تعالى للعقل العنان ليبحث ويبحث ويستكشف، واختتم وانظر في ملكوت السماوات والأرض. في العالم العلوي وفي الأرض وما عليها وفي النفس البشرية وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟ لكن هناك جوانب يجب أن نتوقف عندها، لأن الخوض فيها يقود الإنسان إلى مطبات خطيرة. فإما أن يصبح ملحداً ويتجرأ على مخالفة الله تبارك وتعالى، وإما أن يكون أسيراً لهواه، عبداً لشبهاته، فلا يكون في دائرة الملحدين ولا في دائرة المؤمنين.

وعن السبب الثاني للإلحاد قال: “السبب الثاني هو شبهة الصراع بين العلم والدين، وهذه مسألة خطيرة للغاية، لأن معظم هؤلاء الملحدين عندما يبدأون بنشر شكوكهم يعتمدون على نتائج التجارب”. العلم، ويعتقدون أن القفزات الهائلة التي حققتها هذه الأبحاث التجريبية هي التي قادت الكثير من الناس إلى هذه الحالة. والحقيقة أنهم يخطئون، وليس هناك تعارض أو تناقض بين العلم والدين في شيء. لماذا؟ لأن أسرار الدين لا تفهم، ولا يستطيع الإنسان أن يفهم معانيه إلا عن طريق العلم. وإلا فلماذا قال الله تعالى في أول توجيه قرآني لهذه الأمة على لسان نبيها: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. يقرأ. وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يفهم م}. فلماذا قصر الله تبارك وتعالى معرفته على نفسه وعلى الملائكة وعلى العلماء؟ وقال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط}.

وذكر مفتي الجمهورية في ختام كلمته أن نتائج العلوم التجريبية هي التي تقودنا إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى. فهم يزعمون، على سبيل المثال، أن العالم جاء إلى الوجود بالصدفة أو الصدفة، والحقيقة أن العلم يشهد على بطلان هذا الادعاء. لماذا؟ لأن هذا شبهة. لأن الصدفة في مصطلحات الناس العادية هي لقاء شيئين دون إعداد مسبق أو ترتيب مسبق، أما الصدفة في المصطلح العلمي فهي تعني نفي السبب الفعال أو السبب النهائي. بعبارات بسيطة، إنكار أن هذا العالم له خالق أو إله. ويكفيني فقط أن أتوقف عند هذا البناء الداخلي للإنسان، الذي ترى فيه العجب العجيب، والذي ترى فيه القوة الإلهية المسيطرة داخل هذا الكائن البسيط العاجز الذليل، وهو ما يجعلنا نقول في النهاية في الختام من كلامنا أن الإلحاد نشأ من فهم خاطئ نتيجة انخراط العقل في غير مجاله ونتيجة لشبهة الصراع بين العلم والدين.

 

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى