في العمق

عبدالقادر أبو الفحم.. أول شهداء معارك الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال

كتبت: سلمى نصر الدين

 

بأمعاء خاوية، يواجه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال ما يلقونه من قمع، ورغم ما فيه الأمر من خطورة على صحتهم إلا أنهم لا يتراجعون إلا حين تُلبى مطالبهم، ويعد عبدالقادر أبو فحم أول شهيدًا في سجون الاحتلال نتيجة الإضراب عن الطعام، والذي شارك فيه رغم إصابته بالرصاص في صدره وبطنه.

 

في عام 1929 ولد الشهيد عبدالقادر أبو الفحم في قطاع غزة بفلسطين المحتلة، حين أتم عامه الـ 19 وقعت النكبة الكبرى عام 1948 وهُجر مع أهله من قريته واستقر في مخيم جباليا قس قطاع غزة، ومازالت أسرته تُقيم في ذلك المخيم حتى الآن.

بدأ نضاله العسكري عام 1953، فعقب النكبة بحوالي 4 سنوات، قامت ثورة يوليو في مصر، وانضم بعدها بعام أبو الفحم للجيش المصري، أي عام 1953، لتكون أولى خطواته لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.

عقب التحاقه بالجيش المصري حصل على دورات عسكرية عقب اتمامها نال رتبة رقيب.

 

وعند تأسيس جيش التحرير الفلسطيني، في منتصف الستينيات من القرن الماضي، تولى مركز تدريب خان يونس، كما خاض حربي 1956 و1967 وكانت ضمن قوات الصاعقة.

لم يُحبط أبو الفحم من هزيمة يونيو 1967، بل استمرت همته في النضال وكان ضمن مؤسسي قوات التحرير الشعبية، وشارك في التدريب العسكري للمناضلين المنضمين لها، وجند لها الكثير من الشبان.

كما شارك بنفسه في عمليات عسكرية، إذ كان قائدًا للتشكيلات العسكرية في قطاع غزة، وخلال تنفيذه إحدى العمليات العسكرية أُصيب في صدره وبطنه بجروح بالغة، وتمكنت قوات الاحتلال من اعتقاله والحكم عليه.

 

اصطحاب عبدالقادر، جروحه وآلامه للمعتقل، واصطحاب معهم همته وعزيمته على النضال والمواجهة، ليكون رمزًا يُحكى عنه حتى بعد بوفاته بأكثر من 50 عامًا.

في الصباح الـ 5 من يوليو 1970 قرر الأسرى الفلسطينيين في سجن عسقلان بدأ معركة البطون الخاوية والإضراب عن الطعام، كي يلبي الاحتلال مطالبهم بتحسين جودة الطعام المُقدم والسماح بإدخال الأوراق كي يتمكنوا من كتابة الجوابات والتواصل مع أُسرهم خارج المعتقل، وزيادة المدة المسموح بها للتنزه داخل المعتقل.

وكان لا يزال وقتها أبو الفحم يُعاني من إصابته فترجاه زملاءه بعدم المشاركة في الإضراب عن الطعام لوضعه الصحي، لكن عبدالقادر يأبى ويشارك في الإضراب.

مع شروق شمس يوم الخامس من يوليو عام 1970، يتقدم الأسرى بمطالبهم مكتوبة على ورقة علبة سجائر، وذلك لمنع الاحتلال دخول الأوراق للسجون.

مر أول يومين من الإضراب بإهمال من جانب سلطات السجن، وفي اليوم الثاني دخل ممرض السجن غرف الأسرى محاولًا إقناعهم بالعدول عن قرارهم لما فيه ضرر على صحتهم لكنهم رفضوا، وكذلك رفض عبدالقادر.

لكن الممرض أمر بنقله لمستشفى السجن لتدهور حالته الصحية، وهناك قدم له كوبًا من الحليب الممزوج بالملح، في البداية حاول إقناعه أن يشرب الكوب، لكن استمر رفض عبدالقادر، فما كان من الممرض أن قام بمحاولة إعطاءه الكأس قسرًا.

وحين عجز عن صب الحليب في فم عبدالقادر كان يدخله عن طريق الأنف. وكان وقتها قد تدهورت حالة عبدالقادر الصحية، ليتوفى في اليوم التالي، والذي وافق اليوم الخامس من الإضراب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى