
يعتقد الكثير أن الخطر المالي يظهر فجأة في صورة أزمة كبرى مثل انهيار في البورصة، خسارة مشروع، أو تراكم ديون ضخمة، لكن الحقيقة أن معظم المشكلات المالية، سواء للأفراد أو الشركات، تبدأ من تفاصيل صغيرة يتم الاستهانة بها، وأكثر ما يميز هذه المخاطر أنها هادئة؛ تتحرك في الخلفية من دون ضجيج، وتنشأ من عادة يومية بسيطة، أو قرار سريع، أو تلك الكلمة المتكررة: “معلش” كلما أنفقنا على أمر غير ضروري، وبعد مرور شهور نجد أنفسنا أمام مشكلة كبيرة لا نعرف متى بدأت بالتحديد.
مصاريف صغيرة لها أثر كبير
تبدأ بعض المخاطر بالمصاريف البسيطة التي نعتبرها غير مؤثرة، مثل اشتراكات غير مستخدمة، قهوة يومية، أو مشتريات “مرة واحدة”. ورغم أنها تبدو تافهة منفردة، فإن مجموعها الشهري والسنوي يضعف القدرة على الادخار والتصرف وقت الطوارئ، ليست المشكلة في المصروف ذاته، بل في تحوّله إلى عادة مستمرة تمر دون أن ننتبه إليها.
الديون السهلة… سقوط بالتقسيط
من أخطر المخاطر المالية الديون السهلة، خصوصًا البطاقات الائتمانية، فسهولة استخدامها تُغري بالسحب المتكرر، ومن يبدأ بدفع الحد الأدنى غالبًا يستمر فيه، ومع مرور الوقت تتراكم الفوائد، ونجد أنفسنا ندفع مبالغ كبيرة مقابل مشتريات لم تكن تستحق ذلك. إنها ليست سقطة مفاجئة، بل سقوط بالتقسيط.
مصدر دخل واحد
الاعتماد على مصدر دخل واحد يعد مخاطرة كبيرة، فكثير من الناس يعيشون على دخل واحد، ومع أي هزة مالية مثل مرض، تغيير وظيفي، أو ظرف طارئ، يجدون أنفسهم في مأزق. تنويع الدخل ليس رفاهية، بل وسيلة حماية أساسية.
تجاهل صندوق الطوارئ
إهمال وجود احتياطي مالي (تحويشة) ولو كان مبلغًا بسيطًا يعكس عدم وعي بتقلبات الحياة، فالضربات قد تأتي بلا إنذار، والاستعداد لها جزء من الإدارة المالية السليمة.
القرارات السريعة… بوابة الندم
كثير من القرارات المالية الخاطئة تبدأ بحماس لحظي تحت شعار “الفرصة لن تتكرر”. لكن قليلًا من التأني يغيّر كل شيء. طرح أسئلة بسيطة قبل الشراء: هل أحتاجه؟ هل يناسب دخلي؟ هل يوجد بديل أقل تكلفة؟ هل يمكنني الانتظار؟ قد يمنع نصف القرارات الخاطئة.
عندما تتجمع هذه الأخطاء الصغيرة، تدخل المخاطر المالية من “نافذة” لا ينتبه لها أحد. عادة بسيطة، أو كلمة “معلش”، تتحول مع الوقت إلى مشكلة كبيرة، والحماية ليست معقدة: راجع مصاريفك بصدق، قلّل الديون، نوّع مصادر دخلك، خصّص مبلغًا للطوارئ، ولا تتخذ قرارًا ماليًا تحت تأثير الحماس. فالمخاطر المالية ليست عاصفة تهب فجأة، بل قطرات صغيرة تنحت الحجر ببطء، ومن ينتبه للتفاصيل الصغيرة… لن يهزمه الكبير.





