إلى عالم مجهول هو اسم الفيلم الفلسطيني للمخرج مهدي فليفل، والذي عُرض في مهرجان كان السينمائي، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي، ومهرجان قرطاج في دورته الحالية. وهو من بطولة محمود بكري “شاتيلا”، آرام صباح “رضا”، محمد الصرافة، معتز الشلتوح، منذر رياحنة، ومحمد غسان.
ولعل البعض يعتقد أن العالم الغربي طريقه مفروش بالورود وأن من لا يجد نفسه في بلده عليه أن يهاجر إلى بلد آخر ويبدأ حياته يعيش في ترف ويتمتع بحقوق الإنسان ولكن في الواقع وبمناسبة في اليوم العالمي للمهاجرين، الحقيقة أن كل ما سبق قد يكون صورة في الخيال. والبعض لا يملك من الواقع إلا ما هو نادر.
يهرب الكثير من الناس إلى الدول الغربية كمهاجرين غير شرعيين أو حتى قانونيين، ربما هربًا من الفقر أو بحثًا عن المزيد من الحرية، لكن في أغلب الأحيان يهرب الناس خوفًا من الدماء، أو الخوف من الحرب من الجماعات الإرهابية المسلحة، أو غيرها من الأمور، وهذا ما يتحقق في … قصة الفيلم الفلسطيني “إلى عالم مجهول” و”شاتيلا” و”رضا” يهربان من المخيم إلى أثينا ويخططان للسفر من أثينا إلى ألمانيا سعياً وراء الحريات والأمان والعمل والحياة. إن الإنسانية على أمل حياة أفضل هي طموح مشروع يتمناه كل من فقد وطنه، لكن الواقع مختلف.
شاتيلا ورضا يهربان من حرب، إلى حرب أخرى، حرب أكثر وحشية، حرب على كل المستويات، تحديات تفوق الخيال تواجه شخصين ليس لهما وجود رسمي، بلا منزل، بلا عمل، دون الاعتراف بإنسانيتهما وإنسانيتهما والتي يمحوونها أحيانًا من أنفسهم من أجل كسب لقمة العيش وتقديم التضحيات. وربما لو عاشوا في بلادهم تحت الافتراء والحرب، فلن يفكروا في ذلك أبدًا ولن يفكروا فيه أبدًا.
اختار المخرج مهدي فليفل أن يأخذ المشاهد إلى عالم وصفه بالمجهول، حيث يواجه رضا وشاتيلا مصيراً محتوماً ومقدراً. ما هي الخيارات القانونية المتاحة أمام مهاجر بلا أوراق في بلد لا يعترف بحقك في العيش بإنسانية بل ويعتبرك ربما حشرة يجب القضاء عليها أو مرض معد يجب علاجه والقضاء عليه؟ منه.
استطاع مهدي فليفل أن يخلق من قبح المكان والزمان والواقع جماليات قاتمة قمعية تعبر عن أرض ضاقت رحبتها على المهاجرين رغم وسائل الراحة.
وفي الوقت الذي كان فيه شاتيلا وابن عمه رضا يبحثان عن الإنسانية، ضغطت عليهما الحياة للتخلي عن إنسانيتهما رغماً عنهما، ليس من باب التهاون بل من قلة الحيلة ليصبحا مثلهما مثل هذا العالم الذي عانوا منه، وكأن الناس كانوا يمحوون إنسانيتهم شيئًا فشيئًا حتى أصبحت قسوة العالم فوق القدرة على الاحتمال. تَحمُّل.
تحديات كثيرة رصدها مهدي فليفل، تحولات في شخصية شاتيلا الذي قد يكون لاسمه علاقة بقسوة ما مر به مخيم شاتيلا، تلك المجزرة الشهيرة، وشخصية رضا الذي له نصيب كبير من نصيبه إسمها، في محاولاتهم للبحث عن عالم أفضل، محاولات أنهكها الفشل وحطمتها قسوة الحياة. قسوة لا يتحملها أصحاب القلوب المحبة التي لا تؤذي إلا أنفسهم. يعبرون عن تمردهم على الواقع من خلال ممارسة جلد الذات كنوع من الهروب حتى يثبت فليفل نفسه. هذا العالم لا مكان فيه للإنسانية ولا لأصحاب القلوب الرقيقة “المشتاقة”.
فيلم إلى عالم مجهول
فيلم إلى عالم مجهول
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: socialpress