في العمق

الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال.. حكاية 32 يومًا من الإضراب في سجن نفحة 1980

كتبت: سلمى نصر الدين

 

بعد ما يقرب من 3 أشهر قضاهم مضربًا عن الطعام في سجن الاحتلال الإسرائيلي، استُشهد صباح اليوم خضر عدنان، أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي، اعتقل نحو 12 مرة، مارس فيهم كلهم الإضراب عن الطعام، ليكون قائدًا لمعارك الأمعاء الخاوية التي يقوم بها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال.

 

منذ عام 1967 وقوات الاحتلال الإسرائيلي تبني السجون المعتقلات، في محاولة منها لقمع المقاومة الفلسطينية وإيقافها، تزج بداخل تلك السجون أبناء حركة المقاومة وتمارس ضدهم انتهاكات بدنية وتعذيب.

ولكن لم تقمع تلك المحاولات المقاومة وأبنائها، بل أنهم أبوا داخل السجون أن يكونوا أذلاء أو يرضوا بالممارسات المهينة من قبل سلطات الاحتلال فكان الإضراب عن الطعام خيارهم لإجبار الاحتلال على تنفيذ مطالبهم، وتكون نتيجة الإضراب أو ما يُعرف بمعركة الأمعاء الخاوية خضوع الاحتلال للأسرى وتنفيذ مطالبهم.

من أشهر تلك الإضرابات، الذي تم من الأسرى في سجن نفحة عام 1980، والذي استمر على مدار 32 يومًا، خضع فيه المعتقلين للتعذيب والتنكيل.

الإضراب عن الطعام في سجن نفحة عام 1980

يبُعد سجن نفحة عن مدينة بئر السبع بحوالي 100 كم، ونحو 200 كم عن القدس، وهو من أقسى وأشد السجون الصهيونية.

وبحسب شهادات للبعض الأسرى داخل السجن، والذين شاركوا في إضراب نفحة عام 1980، فإن السجن محاط بأسلاك شائكة، أخد إليه أشخاص معينين من أبناء حركة المقاومة ولاقوا فيه إهانات من جانب جيش الاحتلال والسلطات المسئولة عن السجن.

في فيلم وثائقي “إضراب النفحة 1980.. نجوع ولا نركع” الذي أنتجته هيئة شئون الأسرى والمحررين عام 2018، لتوثيق إضراب سجن النفحة عام 1980، يقول الأسير المُحرر، عبدالرحيم النوباني، إن السجون خلال تلك الحقبة الزمنية أصبحت في حالة ثورة دائمة من قبل المعتقلين بداخلها، ففكرت إدارة السجون في إنشاء سجن خاص يضم بداخلة الكوادر أو العناصر الرئيسية للحركة الأسرة.

 

النوباني، هو واحد من أول الأسرى الذين انتقلوا إلى سجن النفحة عقب إنشائه، يحكي في الفيلم الوثائقي عملية انتقاله من سجن بئر السبع إلى النفحة، قائلًا في 1 مايو 1980 جاء مدير السجن وأخبرنا بوجود عملية انتقالات لبعض الأسرى الموجودين بداخل بئر السبع.

انتقل لسجن النفحة أيضًا عدد من الأسرى في السجون الأخرى كسجن عسقلان.

 

يصف الأسير المُحرر عدنان أحمد الوشاح وضع السجن حين وصل إليه، قائلًا “حين وصلنا السجن كان هناك جو إرهابي بكل ما تحمله الكلمة من معنى”. على المدخل الرئيسي للسجن يوجد حارسين وكل منهما معه كلب بوليسي.

يمر الأسرى لدخول السجن من بين الكلبين، ويحاولون أن يبقوا في المنتصف منعًا لأن نتهشه تلك الكلاب، بحسب شهادة عدنان، التي ذكرها في الفيلم.

خضع الأسرى للتفتيش من قبل سلطات السجن، والتي أجبرتهم على خلع ملابسهم كاملة.

 

أبواب الزنازين مُغلقة طوال الوقت ومصفحة، لا يوجد بها سوى فتحة صغيرة مُغلقة طوال الوقت لا يفتحها سوى سجان من الخارج، الطعام سيء، والحمام مكشوف لا يوجد له باب بداخل الغرفة التي يجلس فيها الأسرى.

يُمنع التواصل مع ما بين الأسرى بأي شكل سواء من خلال الصوت أو أي طريقة أخرى، يُمنعون من التجمع سويًا.

رفض الأسرى في سجن النفحة الاستسلام لقمع الاحتلال، وبحسب الشهادات الموثقة من الأسرى من المحررين فإنهم استطاعوا رغم كل القيود المفروضة من الاحتلال اختيار قيادة لبحث وجهات نظر المعتقلين واختيار أنسب طريقة لمواجهة الأمر.

 

واختار الأسرى طريق الإضراب عن الطعام لتلبية مطالبهم.

 

بداية الإضراب عن الطعام

وتمكن الأسرى من داخل السجن من إرسال رسائل لكل الجهات الرقابية والرسمية لحكي وضعهم داخل السجن، كان ذلك يتم من خلال تهريب الرسائل مع أُسرهم عند زيارتهم داخل السجن.

وفي أولى أيام شهر رمضان المبارك، وتحديدًا في 14 يوليو 1980 بدأ الأسرى الإضراب عن الطعام. في البداية استخفت إدارة السجن بفعل المعتقلين ولم تُبد أي رد فعل.

 

في اليوم الثامن من الإضراب اتخذت قوات الاحتلال قرارا عنيفًا اتجاه مجموعة من الأسرى وعددهم 26 ونقلتهم داخل سيارة الترحيلات لسجن الرملة، وهناك تعرضوا للتنكيل.

وقرر الأسرى وهم داخل السيارة، أن الاحتلال لن يُنهي الإضراب بتلك الطريقة، وإنهم سيستمرون فيه حتى ولو لاقوا الموت.

عند وصول السيارة، وحين عزم الأسرى عن النزول منها وجدوا صفين من الجنود في كل جانب يحملون عصيان يهمون بضرب كل من يمر بينهم من الأسرى.

بعد ذلك نقلوا كل واحد في غرفة منفصلة عن الآخر، وفي ليلة 21 يوليو بدأت السلطات في عملية تغذية قسرية للمعتقلين.

 

عملية التغذية القسرية

يحكي الأسير المحرر محمد العليان، ما تم أثناء عملية التغذية القسرية، قائلًا حاولوا إدخال “البرببيج” من خلال فتحة الشرج وحين صرخ أمسكه اثنان بخلاف الشخص الذي يقوم بعملية التغذية القسرية، ثم حاول سقيه ما يعتقد أنه ماء وملح عن طريق الفم ثم بدأ في إفراغه عن طريق الأنف.

وعقب الانتهاء من التغذية القسرية انهالوا عليه بالضرب ونقلوه لغرفته.

 

في تلك الليلة استشهد الأسير علي الجعفري، وعصر اليوم التالي استشهد الأسير راسم حلاوة، بعد ما انزل الضابط الماء والملح داخل الرئتين بدلًا من المعدة، بحسب ما ذكره النوباني.

 

تلبية مطالب الأسرى

في اليوم الـ 32 من الإضراب طالبت إدارة السجن الاجتماع مع اللجنة النضالية لسجن النفحة، لكن اللجنة رفضت وطلبت أن يكون التواصل مع حكومة الاحتلال.

وجاء ممثلين من مكتب رئيس الوزراء، والموساد، والصليب الأحمر، والمحامين واجتمعت لساعات مع اللجنة النضالية.

 

وانتهت المفاوضات بتعليق الإضراب، وتلبية الكثير من مطالب الأسرى، وهي قص الباب الحديد من المنتصف، وتوفير سرير و10 بطاطين لكل أسير، وإتاحة تلفزيون بالزنازين.

وفتح الزيارة لتكون ساعة كل أسبوعين بدلًا من نصف ساعة كل شهرين، تحسين وضع غرفة الزيارة والسماح للأطفال بالدخول، وتحسين وضع الطعام كمًا ونوعًا، وعلاج المرضى.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى