رحل صباح اليوم، الثلاثاء، الأستاذ الصنايعي المهني الخلوق المتواضع النقابي البارع الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق عن عمر ناهز 57 عاما، إثر تعرضه لأزمة قلبية فجر اليوم.
وتحولت صفحات الفيس بوك إلى دفتر للعزاء لنعي الكاتب الصحفي الكبير، الذي أجمع الصحفيون على مهنيته وحرفيته وخلقه، ونشرت صفحة المرصد المصري للصحافة نعيا قالت فيه أن رزق كان فتى الصحافة الموهوب، وفي صغره رفع الكاتب الصحفي ياسر رزق، شعار “لن أعيش فى جلباب أبي”، وخطط للالتحاق بكلية العلوم والتخصص في مادة الكيمياء، ولكن نداهة الصحافة حسمت الموقف واختطفت الفتى الموهوب إلى عالم الورقة والقلم لينطلق بسرعة الصاروخ ويصبح واحدًا من أهم الكتاب الصحفيين فى مصر.
وُلد ياسر رزق في محافظة الإسماعيلية عام 1965، وكان والده صحفيًا وهو الماتب الصحفي الراحل فتحي رزق، وكان في قرارة نفسه يريد ابنه أن يكون صحفيًا أيضًا، ولكن الطفل كان يرغب فى العمل بمجال آخر بعيدًا عن مهنة البحث عن المتاعب.
في المرحلة الابتدائية صمم رزق مجلة مع عدد من الطلاب وظل في إصدارها حتى المرحلة الإعدادية، وفى هذه المرحلة بدأ يخطط للالتحاق بكلية العلوم والتخصص في مادة الكيمياء، وحصل على الدرجات النهائية في الرياضيات، وفي الصف الأول الثانوي حصل على الدرجات النهائية في مادة الكيمياء، وكان يدرس مواد الصف الثالث الثانوي وهو في الصف الأول، ولكن في الصف الثاني الثانوي قرر الالتحاق بكلية الإعلام، وتخصص في الشعبة الأدبية من دون معرفة عائلته، غضبت الأم من قرار الابن ولكن الأب شعر بسعادة بعدها ﻷن نجله يسير على نفس الدرب. بدأ ياسر رزق مشواره المهني منذ أن كان طالبًا في السنة الأولى بكلية الإعلام التي تخرج فيها عام 1986، وكانت البداية في جريدة السياسي، التى أجرى بها تحقيقًا صحفيًا عن الإعلام والشباب، ثم تدرب في جريدة الأخبار، وعُين بالجريدة وتنقل في أقسام الاقتصاد والحوادث وديسك الأخبار، والقسم العسكري، وكان أصغر نائب رئيس قسم في الصحافة عن عمر 23 عامًا، وبعد ذلك كلفته إدارة المؤسسة بتغطية رئاسة الجمهورية فى الفترة من 1988 حتى 2008.
وفي عام 2005 كان مرشحًا لإصدار من إصدارات أخبار اليوم، ولكن وزير الإعلام أنس الفقي كلفه حينها برئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون، وبعد 6 سنوات قضاها في إدارة شؤون المجلة الصادرة عن “ماسبيرو”، عاد “رزق” إلى مؤسسة أخبار اليوم مرة أخرى، لكن كرئيس لتحرير صحيفتها اليومية، وذلك في 18 يناير 2011، و استمر في قيادة العمل بها بنجاح وتمكن من رفع توزيع الجريدة، حتى تمت الإطاحة به من رئاسة تحريرها.
انتقل رزق إلى الصحافة الخاصة والمستقلة، بعد اختياره من قِبل مجلس أمناء مؤسسة “المصري اليوم” في 22 أغسطس 2012، رئيسًا لتحرير صحيفتها اليومية، وفى أكتوبر 2013 انفرد بأول حوار له مع الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء أن كان قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع، و استمر في رئاسة تحريرها لمدة سنة و3 أشهر، حتى عاد “رزق”، لبيته مرة أخرى، لكن هذه المرة رئيسًا لمجلس إدارة “أخبار اليوم”.
وفى بداية يناير 2022، أصدر رزق كتاب (سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص)، قدم فيه رصدًا دقيقًا وموضوعيًا لأحداث حقبة هي الأصعب في تاريخ مصر الحديث، منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى ثورة 30 يونيو 2013، وتضمن الكتاب معلومات ومواقف يُكشف عنها للمرة الأولى ويرويها الكاتب من موقع الشاهد بحكم عمله الصحفي وقربه وصلاته الوثيقة بدوائر صناعة القرار إبان تلك الفترة الحرجة من تاريخ البلاد، ويعد الكتاب جزء أول من ثلاثية عن “الجمهورية الثانية”.
تسبب إفراط ياسر رزق فى التدخين وعدم استماعه لنصائح الأطباء في تركيب 8 دعامات وإجراء عملية جراحية صنفت بأنها (فوق الكبرى) في الرئة، كما نجى من أكثر من أزمة صحية، ورحل عن عالمنا فى وقت سابق اليوم الأربعاء 26 يناير 2022، عن عمر يناهز 57 عامًا، إثر أزمة قلبية مفاجئة ألمت به.
ونعى الكاتب الصحفي أحمد المسلماني رزق عبر صفحته الشخصية الفبس بوك قائلا: “رحم الله الكاتب الكبير الأستاذ ياسر رزق، كان صحفياً بارعاً وكاتباً متميزاً ، اتسمت مقالاته بالثراء المعلوماتي وجرأة الطرح، وكان فوق ذلك إنساناً خلوقاً نبيلاً.
فيما نعى الكاتب الصحفي ممدوح الصغير رئيس تحرير أخبار الحوادث سابقا ياسر رزق قائلا عبر صفحته الشخصي الفيس بوك” رحل حبيب الكل.. رحل الكبير والغالي ياسر رزق وقل من ما تحب من أوصاف رحل عن عالمنا بعد توثيق شهادته لأخطر أيام مرت بها مصر عبر كتابه الأخير “سنوات الخماسين”، دون في إهدائه لمحبيه وعشاقه بأنها شهادته أمام الله لأحداث شاهدها برؤي العين.
مهما كانت بلاغة ألفاظنا وكلماتنا هو في دار الحق، يعلم الله ما رأيت قلبا أنقي من قلبه، لايعرف سوي الحب لمن يعرفع ولمن لا يعرفه، فقلبه أشبه بجزيرة كثيرة الخضرة، وكأن السماء فرحة بصعود روحه إليها، فقبل أن يصلني خبر الوفاة استقيظت من نومي في السادسة ونصف صباحا، ولا أعرف سبب استقياظي المبكر، ولفت نظري قطرات الندي ومطر غزير يفترش حواف البلكونة..
ولم يتوقف هاتفي، كل من يحدثني أطلب منه يدعو له فالدعاء مستجاب لحظة سقوط المطر.. رحل القلب الكبير.. رحل ياسر رزق الإنسان صاحب المواقف المشرفة مع الجميع.. رحل جسده لتبقى سيرته حسنة يتفاخر بها أبنائه وأحفاده.”