google.com, pub-6069403238080384, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخبار

مختار محمود يكتب: اعتذار واجب لإمام مطروح

يدين المصريون باعتذار واجب لإمام مسجد مطروح الشيخ مصطفى محمود، الذي أوقفه وزير الأوقاف عن عمله، وبات مهددًا بالفصل.

الإمام المقهور، لم يخلط الدين بالسياسة -كما يفعل الوزير نفسه- ولكنه أعرب عن حزنه من خلو المسجد من المصلين، تزامنًا مع مباراة مصر وكوت ديفوار في دور الـ16 ببطولة أمم أفريقيا المقامة في الكاميرون. الإمام المغلوب على أمره بثَّ عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي، مساء الأربعاء الماضي، فيديو أظهر خلاله خلو المسجد تمامًا من المصلين، بعد رفع أذان العشاء، في الوقت الذي تكتظ فيه الكافتيريات والمقاهي المتاخمة للمسجد بمئات المتابعين، مُختتمًا الفيديو بالابتهال إلى الله تعالى بأن يردنا إليه مردًّا جميلاً.

لم يتجاوز الرجل الطيب ولم يشطط ولم يشتم ولم يستنزل اللعنات على المنصرفين عن الصلاة، ولم ينذرهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولم يبتهل إلى السماء بأن يخسر منتخب مصر ويخرج خالي الوفاض من البطولة، ولم يوزع الاتهامات وصكوك الوطنية كما يفعل الوزير.

لم يخرج الإمام المغبون عن الإطار الشرعي في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يسلك مسلكًا خشنًا ولا سلوكًا غليظًا، كما يفعل الوزير، بل قدم صورة مثالية ونموذجية لما يجب أن يكون عليه الإمام في ظل عصر التجديد الذي يزعجنا به الوزير.

والمؤسف أن فنانة خلعت رداءها الداخلي في فيلم هابط فنيًا وأخلاقيًا وجدت حشودًا تدافع عنها وتبارك صنيعها؛ باعتبارها فنانة مبدعة واستثنائية، قلما يجود الزمان بمثلها. أمَّا هذا المسكين فإنه لم يجد منصفًا ولا نصيرًا، وتركوه لقمة سائغة للحاكم بأمره في وزارة الأوقاف الذي أصدر فرمانًا عاجلاً بوقفه عن العمل؛ بزعم إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن الواقع يؤكد أن أكثر من يسيئ استخدام الفضاء الألكتروني داخل الوزارة هو الوزير نفسه.

تفرغت برامج الصباح والمساء للدفاع عن بطلة الفيلم الهابط وخلعها رداءها الداخلي، وباركت بيان نقابة المهن التمثيلية المتضامن معها، ولكن هذا الإمام الذي أوجع خلو المسجد من المصلين قلبه، لم يجد من يقول من أجله كلمة حق. بل إن الأدهى والأمرَّ من هذا كله هو أن زملاءه في وزارة الأوقاف رفضوا إمداد الصحفيين بأية معلومات تخصه؛ خوفًا من بطش الوزير الذي لا يرحم. هذا الإمام لن يكون الأول كما لن يكون الأخير ضمن ضحايا هذا الوزير الذي يتكبر على مرؤوسيه ويُشهِّر بهم على رؤوس الأشهاد.

يمكنك –عزيزي القاريء- أن تكتب على محركات البحث كلمتي: “وقف خطيب”، ليقفز أمامك على الشاشة مئات الوقائع المشابهة التي شهدت وقف أئمة وخطباء مساجد دون وجه حق أو لأسباب واهية كان يمكن تداركها والتعامل معها بهدوء شديد، بعيدًا عن شهوة الانتقام والأضواء التي تسكن الوزير. فمعذرةً يا إمام مطروح، ولا تبتئس ولا تيأس ولا تحزن؛ فعند الله تجتمع الخصوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى