تتزايد الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه تحديات غير مسبوقة على المستويين الداخلي والخارجي. وفي ظل التوتر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية بسبب الحرب.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية -في تقرير لها اليوم الجمعة- أنه رغم أن الظروف العسكرية تبدو في صالح إسرائيل بعد سلسلة من النجاحات العسكرية ضد حماس وحزب الله، إلا أن التحديات السياسية التي يواجهها تتطلب قرارات حاسمة قد تحدد مصيره السياسي المستقبلي.
التحديات العسكرية والضغوط الداخلية:
وبدأت الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، وأدى إلى مقتل مئات الإسرائيليين واحتجاز عشرات الرهائن. وأدى هذا الهجوم إلى تراجع غير مسبوق في شعبية نتنياهو. وفشلت أجهزة الأمن الإسرائيلية في منع الهجوم، مما أثار غضب الشعب الإسرائيلي وأدى إلى انتقادات واسعة النطاق لقيادة نتنياهو.
ومع ذلك، تمكن رئيس الوزراء من استعادة بعض الدعم الشعبي بعد أن أحرزت القوات الإسرائيلية تقدمًا في الحرب، وألحقت خسائر فادحة بحماس.
واستمرت الحرب 15 شهراً، تمكنت خلالها القوات الإسرائيلية من استهداف مواقع حماس والقضاء على العديد من قياداتها. كما وجهت القوات الإسرائيلية ضربات قوية لحزب الله اللبناني شمالي إسرائيل، مما أضعف القدرة العسكرية للحركة وأثار العديد من التكهنات حول مستقبل الدور الإيراني في المنطقة.
ورغم ذلك فإن الوضع الإنساني في غزة لا يزال مأساويا، إذ تشير التقارير إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين جراء الهجمات الإسرائيلية، إضافة إلى تهجير نحو 90% من سكان غزة.
وعلى المستوى السياسي، تسببت هذه الحرب في تراجع شعبية نتنياهو لدى العديد من الإسرائيليين، الذين بدأوا ينتقدون إدارة الحرب والتكلفة البشرية والمادية الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل.
ضغوط الائتلاف الحاكم:
ومن ناحية أخرى، أصبح الوضع أكثر تعقيدا على مستوى السياسة الداخلية مع تهديدات شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم. وتتكون الحكومة الحالية من مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تطالب رئيس الوزراء باستئناف الحرب فور انتهاء الهدنة الحالية. وفي الأسابيع الأخيرة، هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريش والنائب إيتامار بن غفير، المنتمين إلى أحزاب اليمين المتطرف، بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم استئناف القتال.
وتمثل هذه التهديدات مشكلة كبيرة لنتنياهو الذي قد يواجه خسارة أغلبيته البرلمانية في حال انسحاب هذين الحليفين. وأكد سموتريش أنه إذا لم يتم استئناف الحرب ضد حماس بعد انتهاء التهدئة في مارس/آذار المقبل فإنه سيسحب حزبه من الحكومة، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار الائتلاف الحاكم ويتطلب إجراء انتخابات مبكرة.
وهكذا يجد نتنياهو نفسه في موقف حرج، إذ عليه أن يوازن بين الضغوط الداخلية لاستئناف الحرب وحاجته إلى الحفاظ على استقرار حكومته.
أزمة الرهائن والعواطف العامة:
ومن أكبر القضايا التي تواجه نتنياهو هي قضية الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة. وفي إطار التهدئة الحالية، تم إطلاق سراح نحو ثلث الرهائن الإسرائيليين، فيما لا يزال مصير الباقين غير واضح. وقد أصبحت هذه القضية بمثابة اختبار كبير لنتنياهو في نظر الرأي العام الإسرائيلي. فبينما يدعو العديد من الإسرائيليين إلى ضرورة إنهاء الحرب وإعادة كافة الرهائن، يعتقد آخرون أن استئناف القتال قد يكون الحل الوحيد للقضاء على تهديد حماس إلى الأبد.
ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها إسرائيل لاستعادة الرهائن، إلا أن مشهد إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الثلاثة في الأيام الأخيرة أثار مشاعر متضاربة في البلاد. وبينما رحب الكثيرون بعودة الأسرى إلى ديارهم، فإن استمرار وجود رهائن آخرين في غزة يسبب قلقًا كبيرًا بين العائلات التي تنتظر عودة أحبائها.
نتنياهو بين ترامب وتحديات السياسة الدولية:
وعلى المستوى الدولي، من المتوقع أن يكون لعودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تأثير كبير على مسار الأحداث في الشرق الأوسط. وكان ترامب أحد أبرز الداعمين لإسرائيل خلال فترة حكمه، ومن المرجح أن يتعاون مرة أخرى مع نتنياهو في العديد من القضايا الإقليمية. لكن هذا التعاون قد تحكمه ظروف سياسية معقدة.
ويمارس ترامب ضغوطا على نتنياهو مؤخرا للتوصل إلى اتفاق تهدئة مع حماس، ويبدو أن هذا الضغط كان حاسما في إنهاء المعارك بعد أسابيع من العنف. وبينما قد يستمر ترامب في دعم نتنياهو في جهوده العسكرية، فإن رؤيته للمرحلة التالية في الصراع قد تختلف عن رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقد صرح ترامب في أكثر من مناسبة بأنه يفضل التوصل إلى تسوية سلمية بدلا من مواصلة الحرب، وهو ما يخلق تناقضا بين أهداف الطرفين.
ماذا ينتظر نتنياهو؟
وبينما تتزايد الضغوط المحلية والدولية على نتنياهو، يبدو أنه يواجه فترة حرجة من التحديات التي قد تحدد مستقبله السياسي. وإذا فشل في استئناف الحرب ورفضت بعض أحزاب اليمين مواصلة التحالف معه، فإن ذلك قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة ويضع حداً لمسيرته السياسية. ومن ناحية أخرى، إذا استؤنف القتال، فقد يواجه المزيد من الانتقادات المحلية والدولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والتداعيات الإنسانية في غزة.
للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .
مصدر المعلومات والصور: socialpress