google.com, pub-6069403238080384, DIRECT, f08c47fec0942fa0
فى الميدان

مختار محمود يكتب: هل الدكتور حسن حنفي من المبشرين بالجنة؟

المفكر والفيلسوف الكبير الدكتور حسن حنفي الذي غيَّبه الموت قبل أيام من أولئك أساءوا كثيرًا إلى الثوابت الإسلامية دون غيرها، وعمل على تقزيمها وهدمها غير هيَّاب ولا خجلان، ومن ثم فإن كان الرجل قد مات وانتقل إلى إلى رحاب الله، فإنه قد تجوز عليه الرحمة، ولكن لا يجوز أبدًا الكذب والتدليس واصطناع حالة من الوهم وتبرئة الرجل من كل مساوئه الفكرية، وكأنه كان رجلاً مصلحًا، أو من المبشرين بالجنة، أو من أولي العزم من الرسل، خاصة أن الرجل لم يتطهر من تلك الأفكار ويتوب منها، كما سبقه إلى ذلك عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة الدكتور زكي نجيب محمود.

وفي بعض القضايا الفكرية الشائكة..يصبح الصمت خيانة غير مبررة، فالله أحق بالخشية والخوف من الناس..وإليكم دون اجتزاء بعضًا من كتابات الدكتور حسن حنفي؛ والحكم لكم في نهاية المقال. فى كتابه: “من العقيدة إلى الثورة، كتب “حنفي”: “والكذب والإضلال والغواية وكل القبائح تجوز على الله، ما دام الله لا يجب عليه شيء”.

وفي موضع آخر.. كتب:”ويكشف أى دليل على إثبات وجود الله على وعى مزيف”. وفي موضع ثالث من الكتاب ذاته: “فى المراحل الأولى كانت البراهين غير متميزة وغير منظرة، بل كانت تعتمد على الآيات القرآنية”.

وفي موضع رابع قال: “الله إذًن مشروع شخصى وحياة الفرد تحقيق لهذا المشروع”.

وفي موضع خامس يقول: “كما أن الله والإنسان شيء واحد، فكذلك الله والطبيعة شيء واحد، لا فرق بين الخالق والمخلوق فى أسطورة الخلق”.

وفى الصفحة نفسها من الكتاب المذكور يقول: “الله يخلق من ذاته إلهًا يكون هو نفسه مثل المسيح، والله جسم موجود وواقع مرئي”. وفي موضع سابع يقول: “وتعويضًا عن سلطان الدنيا وملك الأرض يكون الإنسان الإله ملكًا على رأسه تاج.. الإنسان الضائع يتحول إلى إله”.

وفي الصفحة ذاتها..قال:”وقد أصبح الشيطان فى وجداننا علة نفسر بها كل الشرور والآثام أقوى من الله”. وفي موضع تاسع كتب: “وإذ أن الله كذات وكصفات هو الإنسان الكامل كان أول مضمون للإيمان هو الإيمان بالإنسان الكامل”.

وفي موضع عاشر.. يتساءل متهكمًا: “وما المانع من أن يصير أهل الآخرة إلى جمود حتى لا يشاركوا الله فى الخلود”؟ يرى حسن حنفي أن من أسباب فشل تغيير الواقع بالقديم ـ أى القرآن- هو الاهتمام بتحريم المحرمات وفى ذلك يقول: البداية بالمحرمات، والتشديد فى العقوبات، وإصدار قوائم للممنوعات، وجعل السلوك الإنسانى تحقيقًا للنواهى دون ذكر للمباحات التى يمكن أن يتصل من خلالها بالطبيعة، وجعل العالم مواطن للشبهات لا يجوز للإنسان أن يحوم حولها خشية التردى فيها، هذا كله يمنع الثقة بين الإنسان والعالم، ويضع فى الإنسان الخوف بدل الشجاعة، والإحجام بدل الإقدام، ويجعل الإنسان متشككًا فى سلوكه، متهمًا لنفسه، نادمًا على ما فعل. ما يرسخ فى نفسه الإحساس بالذنب الناتج عن الاقتراب من التابو. أو مجرد التفكير فيه، والوعى السياسى يتطلب القضاء على كل هذه المحرمات التى تخضع لتحليل العقل ولوصف الواقع، ما يعيد الثقة للإنسان بينه وبين العالم”.

وهذه دعوة صريحة لرفض حكم الله والطعن فى آيات الله وقرآنه.. فالبداية بالمحرمات – حسب حنفى- هى سبب فشل تغيير الواقع بالقرآن! فالفيلسوف الكبير يقصد بقوله:” البداية بالمحرمات” قول الله تعالى: “حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهلَّ لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق”.

يتمادى “حنفي” فى جرأته على النص القرآنى قائلا: “البداية بقوانين العقاب أو تطبيق الحدود”، قاصدًا قوله تعالى: “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم”، وقوله تعالى: “الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله” وقوله تعالى: “والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم”.. فهذه الآيات البينات الكريمات لا تعجب الفيلسوف حنفي، بل هى – فى نظره – سبب فشل تغيير الواقع عن طريق القديم. أى عن طريق النص القرآنى بمعنى أن الشريعة الإسلامية لا تصلح للواقع والحياة.

خاض حسن حنفي كثيرًا في الحديث عن الذات الإلهية؛ زاعمًا –سامحه الله- أن لفظ الجلالة يحتوى على تناقضات، فنراه يقول: “فالله عند الجائع هو الرغيف، وعند المستعبد هو الحرية، وعند المظلوم هو العدل، وعند المحروم عاطفيًا هو الحب، وعند المكبوت هو الإشباع، أي أنه في معظم الحالات صرخة المضطهدين، والله في مجتمع يخرج من الخرافة هو العلم، وفي مجتمع آخر هو التقدم، فإذا كان الله هو أعز ما لدينا فهو الأرض، والتحرر، والتنمية، والعدل، وإذا كان الله هو ما يقيم أودنا وأساس وجودنا ويحفظنا فهو الخبز، والرزق، والقوت، والإدارة، والحرية، وإذا كان الله ما نلجأ إليه حين الضرر، وما نستعيذ به من الشرر فهو القوة والعتاد، والاستعداد، كل إنسان وكل جماعة تسقط من احتياجاتها عليه، ويمكن التعرف على تاريخ احتياجات البشر بتتبع معاني لفظ “الله” على مختلف العصور (..) ومن ثم فتوحيدنا هو لاهوت الأرض، ولا هوت الثورة، ولا هوت التنمية، ولا هوت النظام، ولا هوت التقدم، كما هو الحال في العديد من الثقافات المعاصرة في البلاد النامية التي نحن جزء منها”.

هكذا يبدو الرجل ماديًا لا يعترف بقدسية الله تبارك وتعالى، فلا مجال للحديث عنده عن الإيمان بالله أو الإسلام، وبالرغم من تمسحه بالإسلام إلا أن كل ذلك لا يؤثر فى جرحه علميًا وعقديًا وتصنيفه كصاحب مشروع تخريبى لتدمير هوية الأمة الإسلامية، ولو كره الكارهون والمفتونون به، ومن حرصوا على البكاء عليه ورثائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى