
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن قوله تعالى: «قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب» يمثل نموذجًا بديعًا لإعجاز البيان القرآني ودقته اللغوية، مشيرًا إلى أن اختيار لفظ “أكله” بدلًا من “افترسه” يحمل دلالات بلاغية عميقة تُظهر إعجاز التعبير القرآني.
وأوضح الدكتور داود، خلال تصريحات تليفزيونية، أن العلماء توقفوا عند هذا التعبير متسائلين: لماذا قال الله تعالى «أكله الذئب» ولم يقل «افترسه الذئب»؟ مبينًا أن الإمام الخطابي تناول هذا التساؤل في كتبه، مؤكدًا أن الترادف الكامل لا وجود له في اللغة العربية، فلكل لفظ دلالته الدقيقة التي لا تُغني عنها كلمة أخرى.
وبيّن رئيس جامعة الأزهر أن الافتراس يعني القتل مع بقاء أجزاء من الجسد، في حين أن الأكل يدل على الفناء الكامل دون بقاء شيء من اللحم أو العظم، ولهذا قال إخوة يوسف «أكله الذئب» ليصرفوا عن أبيهم سؤالًا محرجًا حول بقايا الجسد لو استخدموا لفظ «افترسه».
وأشار الدكتور داود إلى أن بعض المشككين في بلاغة القرآن الكريم زعموا أن العرب لا تقول “أكله الذئب”، غير أن الإمام الخطابي ردّ عليهم بالحجة، مؤكدًا أن العرب استعملوا هذا اللفظ في كلامهم، بل قالوا “أكلتهم الضبع” و”أكلتهم البراغيث”، كما ورد في شعر العرب، مما يثبت فصاحته وأصالته في لسانهم.
وأكد رئيس جامعة الأزهر أن هذا المثال يبرز روعة البيان القرآني ودقة اختيار ألفاظه، مشددًا على أن كل كلمة في القرآن الكريم جاءت في موضعها لحكمة بالغة ومعنى مقصود، داعيًا إلى تدبّر أسرار اللغة العربية وفهم معانيها العميقة لاكتشاف أوجه الإعجاز في كتاب الله.
مفتي الجمهورية: بناء الإنسان هو أساس بناء الأوطان وذكرى أكتوبر تذكّرنا بقيمة الدين والأخلاق والفكر السليم
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن بناء الإنسان هو الأساس في بناء الأوطان، مشددًا على أن نصر أكتوبر المجيد لم يكن وليد المصادفة، بل ثمرة إعداد شامل للإنسان المصري دينيًا وأخلاقيًا وفكريًا وبدنيًا ونفسيًا.
جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في الندوة التثقيفية الكبرى التي أقيمت في قصر ثقافة الإسماعيلية، بحضور محافظ الإسماعيلية اللواء طيار أ.ح أكرم محمد جلال، ووزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني، ورئيس جامعة قناة السويس الدكتور ناصر مندور، وعدد من القيادات السياسية والدينية والثقافية، ضمن احتفالات المحافظة بعيدها القومي.
وأوضح مفتي الجمهورية أن اللقاء يأتي في توقيت دقيق يتزامن مع ذكرى نصر أكتوبر المجيد، الذي جسّد أروع صور الإيمان والوحدة، ومع جهود الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في وقف الحرب الدائرة في غزة وإعلاء قيم السلام وحماية الإنسان.
وأضاف الدكتور عياد أن النصر لا يتحقق بالأماني أو الشعارات، وإنما بالإيمان الصادق والعمل المتواصل والعزيمة الراسخة، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تولي قضية بناء الإنسان اهتمامًا كبيرًا في مختلف الجوانب، باعتبارها الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة.
وأشار فضيلته إلى أن الدين في جوهره منهج حياة متكامل، ينظم علاقة الإنسان بربه وبالمجتمع من حوله، ويغرس في النفس القيم العليا التي تحميها من الانحراف والتطرف، مؤكدًا أن شعار “الله أكبر” في حرب أكتوبر كان تعبيرًا عن الإيمان الصادق واليقين في نصر الله، ومثالًا على توظيف الدين في خدمة الوطن والعمل المخلص.
وشدد مفتي الجمهورية على أن الأخلاق كانت الركيزة الأساسية للنصر، حيث سادت قيم التضحية والتكافل والوحدة بين أبناء الوطن، مضيفًا أن تهذيب النفس وتقويم الفكر يمثلان طريق النهوض والتقدم، وأن البناء الفكري السليم لا يكتمل إلا بوعي ديني مستنير يصون الإنسان من الغلو والتطرف.
كما أكد فضيلته أهمية البناء البدني والعلمي، موضحًا أن القوة التي دعا إليها الإسلام تشمل القوة العلمية والفكرية والتكنولوجية إلى جانب القوة البدنية، وأن الإيمان القوي لا ينفصل عن الجسد القوي، مشيرًا إلى أن العلم والمعرفة حجر الزاوية في نهضة الأمم وتقدمها.
واختتم الدكتور نظير عياد كلمته بالتأكيد على أن ذكرى نصر أكتوبر تذكّرنا دائمًا بقيمة الدين والأخلاق والفكر السليم في صناعة النصر، داعيًا الشباب إلى التحلي بالقيم الوطنية والعمل بإخلاص من أجل رفعة الوطن واستقراره.






