ما هي شركة نسور الوادي لتنمية واستصلاح الأراضي الزراعية؟.. تفاصيل المخالفات وقصة التحذيرات الرسمية

في السنوات الأخيرة، أصبح الاستثمار الزراعي في مصر هدفًا جذابًا لكثير من رواد الأعمال والمستثمرين الأفراد على حدّ سواء، جرّاء تشجيع الدولة لقطاعات الإنتاج، والدعم اللوجستي، والتسهيلات التي تُمنح لمشروعات التنمية الريفية، لكنّ هذا التزايد في الإقبال فتح نافذةً لتجاوزات وشبهات في الممارسات الاستثمارية غير المُنظمة، لا سيما من قبل كيانات تدّعي تنمية الأراضي واستصلاحها، والتي كان من بينها شركة نسور الوادي لتنمية واستصلاح الأراضي الزراعية، وفق بيان الجهات المختصة، ولذلك يتسائل الكثيرون عن ما هي شركة نسور الوادي لتنمية واستصلاح الأراضي الزراعية.
من بين هذه الكيانات، برز مؤخّرًا اسم شركة نسور الوادي لتنمية واستصلاح الأراضي الزراعية في وسائل الإعلام الاقتصادية والقانونية، بعد أن وُضعت ضمن قائمة “الكيانات المخالفة” التي أصدرتها الهيئة العامة للرقابة المالية، إثر شكاوى وتحذيرات تتعلق بدعوات لتلقي الأموال من الجمهور بدون ترخيص قانوني.
في هذا التقرير، نرصد لكم تفاصيل كاملة عن مخالفات الشركة وجهود الرقابة الحكومية، وكافة المعلومات اللازمة عن الشركة.
ما هي شركة نسور الوادي لتنمية واستصلاح الأراضي الزراعية؟
تختص الشركة وفق ما أعلنته عبر موقعها وحساباتها الرسمية بتنمية الأراضي الزراعية واستصلاحها، أي استعادة الأراضي القاحلة أو غير المُستغلة وتحويلها إلى أراض قابلة للزراعة والإنتاج، وهو نشاط مشروع يُشرف عليه جهات مثل وزارة الزراعة، ووزارة الاستثمار، وربما جهات إقليمية مخصصة للتنمية الزراعية.

الطابع القانوني للنشاط الزراعي
فوفقا للقانون، النشاط الزراعي واستصلاح الأراضي مشروع قانونيًا في مصر، ما دام الالتزام بالتراخيص البيئية والزراعية والتنموية قائما ولكن ما أثار الجدل في حالة نسور الوادي هو الانتقال من النشاط الزراعي إلى جمع الأموال من الجمهور العام لغرض الاستثمار أو التوظيف، وهي خطوة تدخل في دائرة التنظيم المالي التي تخضع للإشراف من جهات مثل الهيئة العامة للرقابة المالية.
تحذيرات رسمية من الرقابة المالية
الهيئة العامة للرقابة المالية أوضحت في بيان رسمي أن شركة نسور الوادي خالفت أحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 المنظّم لتلقي الأموال من الجمهور بغرض الاستثمار.

القانون يشترط على أي جهة أو شركة ترغب في جمع أموال من المواطنين أن تحصل على ترخيص رسمي من الهيئة قبل الإعلان أو تلقّي أي مبالغ.
وقالت الهيئة إن “أي كيان يوجّه دعوة للجمهور لتوظيف الأموال دون ترخيص يُعتبر مخالفًا للقانون، حتى لو كان نشاطه الأصلي مشروعًا مثل الزراعة أو التنمية العقارية”.
البيان لم يأتِ بمعزل عن غيره، بل جاء ضمن قائمة جديدة شملت 6 شركات وُجهت لها اتهامات مشابهة تتعلق بجمع أموال أو طرح أسهم دون موافقات مسبقة، في خطوة وصفتها الهيئة بأنها “تأتي لحماية المواطنين من الوقوع في فخ الشركات الوهمية أو غير المرخصة”.
لم تُعلَن بعد تقارير مالية أو بيانات أداء زراعي فعلية يمكن الرجوع إليها، بل يقتصر الأمر على دعايات استثمارية وعروض دعوة للعائد.
بحسب بيان هيئة الرقابة المالية التي اضطلعت بوابة سوشيال برس على نسخة منه، فإن نسور الوادي كانت تروّج خلال الفترة الماضية لمشروعات زراعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقدّم نفسها باعتبارها “فرصة استثمارية في مجال الزراعة الحديثة”.
الإعلانات تضمنت وعودًا بتحقيق عوائد مرتفعة وسريعة للمشاركين، مع صور لأراضٍ زراعية ومشروعات مزعومة في مناطق صحراوية.

لكنّ المشكلة لم تكن في المشروعات ذاتها، بل في آلية جمع الأموال.. فالقانون لا يسمح للشركات الزراعية باستقبال أموال مباشرة من الجمهور إلا بعد الحصول على ترخيص استثماري خاص من الهيئة العامة للرقابة المالية.
ومع ازدياد شكاوى المواطنين، بدأت الجهات المختصة في رصد الإعلانات والتواصل مع الشركة، لتتأكد أن الدعوات كانت تتجاوز نطاق النشاط الزراعي إلى نشاط مالي بحت.
متى يصبح الاستثمار مخالفًا؟
وفقًا للقانون المصري، أي شركة تُعلن عن فرص استثمارية وتطلب من الأفراد تحويل أموال مقابل أرباح مستقبلية تُعد في حكم الشركات التي تتلقى الأموال من الجمهور، ما لم تكن حاصلة على ترخيص من الرقابة المالية.
وتوضح المادة الثانية من قانون 146 لسنة 1988 أن “كل من يتلقى أموالًا من الجمهور بأي صفة لتوظيفها أو استثمارها دون ترخيص، يُعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في القانون، ويُعد النشاط باطلًا بطلانًا مطلقًا”.
وبالتالي، فإن الشركة وإن كانت تعمل في مجال مشروع كاستصلاح الأراضي، إلا أن تلقي أموال من الجمهور دون ترخيص يجعلها خارجة عن الإطار القانوني.
ما هي شركة نسور الوادي لتنمية واستصلاح الأراضي الزراعية؟
وفي تصريح خاص لـ سوشيال برس، قال الخبير الاقتصادي محمد عبد الرحمن، إن الاستثمار في الزراعة قطاع واعد ومهم، لكن بعض الشركات تحاول توظيف هذا الغطاء لتمارس أنشطة مالية غير مرخصة.. نحن لا نغلق باب الاستثمار، بل نطالب بالالتزام بالقانون حتى لا يتعرض المواطنون للخداع أو الخسارة.

تحذيرات رسمية للمواطنين من التعامل مع نسور الوادي
جددت الهيئة العامة للرقابة المالية دعوتها للمواطنين بعدم التعامل مع أي شركة تدّعي الاستثمار في الزراعة أو العقارات أو الذهب أو أي مجال آخر قبل التأكد من حصولها على ترخيص رسمي.
وأوضحت الهيئة أن بعض الشركات تستخدم إعلانات إلكترونية جذابة ومقاطع فيديو على فيسبوك وتيك توك، وتستغل أسماء براقة مثل “تنمية – استصلاح – استثمار آمن”، لكنها في الواقع تمارس نشاطًا غير خاضع للرقابة.
وأكدت أن الموقع الرسمي للهيئة ينشر قائمة محدثة بالكيانات المرخصة وأخرى سلبية تضم الشركات المخالفة.
كما ناشدت المواطنين سرعة الإبلاغ عن أي كيانات مشابهة تروج لاستثمارات غير معتمدة.
هل يمكن تقنين أوضاع الشركة؟
ويرى خبراء أن الحل الوحيد أمام الشركة هو تسوية أوضاعها القانونية بالحصول على الترخيص المناسب من الهيئة، وتقديم مستندات تفصيلية عن طبيعة مشاريعها ومصادر تمويلها.
وفي حال أثبتت جديتها، يمكنها لاحقًا العودة إلى السوق كمستثمر قانوني في القطاع الزراعي.
أما إذا تجاهلت التحذيرات واستمرت في النشاط المالي، فستواجه إجراءات أكثر صرامة قد تصل إلى إغلاق النشاط أو الملاحقة القضائية.






